اليمن ، وفي الحق أن الفقرة الحالية يمكن أن نشتبه فيها ونعدها من تزيد النساخ ، كما أنهم صحفوا فيها ، ولكن الدقة التي نراها فيما أورده عمارة عن ملوك بني زياد ليست في ذاتها دليلا على أنها بريئة من الخطأ ، وإنه إذا كان هناك تغيير في النص فمن الممكن أن يعيننا على تقدير الحقائق الصحيحة ، فأبو الجيش إسحاق ذكر هنا على أنه حفيد لإبراهيم بدلا من أن يكون ولده إسحاق بن محمد بن إبراهيم. وذكر إبراهيم بنفس الطريقة على أنه حفيد لمحمد بن زياد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن زياد ، وجاء في النص أن إبراهيم توفي سنة ٢٨٩ ، أي أن الوفاة حصلت بعد وصول محمد بن زياد لليمن بست وثمانين سنة ، وأن أبا الجيش إسحاق توفي سنة ٣٧١ أي بعد وفاة إبراهيم باثنتين وثمانين سنة ، فمن يكون أبا إسحاق [انظر حاشية ١٣]. وقد أورد الجندي بعض الملحوظات التي يمكن أن نعدها دليلا على تشككه في مبلغ دقة عمارة وتواريخ الأمراء الزياديين ، فذكر ما وجده في هوامش النسخة التي رجع إليها من كتاب المفيد لعمارة ، وموضوع هذه الهوامش يكفي أن نقول فيه أن الكاتب أغفل حكم زياد بن إبراهيم ، وأنه يذكر حسين بن سلامة على أنه خلف إسحاق في سنة ٣٧١ ه. وأنه يعتقد أن الأخير هو الذي كان يكنى بأبي الجيش ، ويمضي الجندي قائلا : فعلى ما ذكر هذا المعلق ، كان بنو زياد عددهم قليل ومدة حكم كل منهم طويلة ، وعلى ما ذكر عمارة ، يكون العكس ، وذكر المعلق أن الحسين توفي سنة ٤٠٣ بزيادة سنة على ما ذكر عمارة ، واعلم أن هذه الأخبار يدخلها الصدق والكذب ، والزيادة والنقصان ، وسبب ذلك اختلاف النقل واختلاف كتب التاريخ. فقد يكون المصنف واحدا والتصنيف واحدا ، ويختلف ما يوجد بإحدى النسختين عن الأخرى ، ويعرف ذلك العارف ، فربما ينكر المنكر ما نقلته عن المفيد وغيره لا سبب لذلك إلا قصوره عن الاطلاع على كتب التواريخ والنظر في عدة نسخها. وقد كانت مدة ملك بني زياد مستقلين عن مواليهم من سنة ٢٠٣ إلى سنة ٣٧١ ، أي ١٦٨ سنة ، ونيابة عليهم ٣٨ سنة لقيام ابن سلامة ، ثم كانوا أعوانا لمواليهم منادمين معهم حتى كان نفيس كما قدمنا ذكره. قال عمارة وذلك سنة ٤٠٧ (اقرأ سنة ٤٠٩) ، فمدة ذلك ٣٨