بها سبأ ، ثم عارضها جياش ، عملا بنصيحة وزيره. ولعل الثالثة ترمي إلى رفض العرب للشروط التي عرضت عليهم ، وقيامهم بمهاجمة زبيد.
ولم أعثر على ذكر لهذه الحوادث لا في الجندي ولا في الخزرجي ، وإن كان الأول قد أورد الفقرة الثالثة ونقلها الخزرجي عنه بحروفها. ومن أعيان دولة الحبشة ، وزير الملك جياش ، وهو خلف بن أبي الطاهر ابن الأموي ، كان من أفراد الدهر نبلا ، وفضلا ، وصحب جياشا حتى زال ملكه ، ودخل معه الهند ، وعاهده أن الأمر إذا عاد إليه قاسمه إياه. فلما عاد
__________________
وغيرها (الصليحيون : ص ١٥٢ هامش ٣) ، وكثير من زعماء جيوش جياش قد كاتبوا الصليحي غدرا وكيدا ، فلما انتهى سبأ وفرقته إلى باب زبيد ، وكان الشريف وغيره كمنوا مع جياش كمينا ، فظهروا على الناس بغتة ووقعت بينهم موقعة الكظائم (كذا في نزهة : ١ / ٦٢ ؛ عيون : ٧ / ١٣٣ ؛ وفي رواية الأنباء / دار : ٤٣ «القضائم». ونرجح رواية العيون والنزهة ، ولعل هذه الوقعة حصلت بالقرب من الكظائم التي قد تكون في نواحي زبيد ، والكظائم جمع كظيمة ، والكظيمة هي شبه بئر من سطح الأرض إلى مجرى الماء الذي تحت الأرض ، وهذه الكظائم منتشرة في أرجاء اليمن). في يوم الجمعة الخامس من ذي الحجة سنة ٤٧٩ ه ، حيث انهزم سبأ ومن معه ، وقتل الأميران قيس بن أحمد (أخو الأمير سبأ) ومحمد بن مهنا الصليحيين. وحمل الشريف يحيى بن حمزة على القاضي عمران بن الفضل اليامي ، ومحمد بن الفضل اليامي ، فطعنه طعنة مات بسببها بعد أيام ، وملك جياش زبيد ، ولم يقدر العرب على أخذ تهامة بعد هذه الموقعة (عمارة / كاي : ٣٣) ، برغم محاولات الأمير المفضل بن أبي البركات لاسترجاعها ، وكانت هزيمة العرب في هذه الموقعة ضربة قاسية على كيان الدولة الصليحية ، بل على فكرة وحدة البلاد اليمنية تحت راية العروبة. وذلك الأمر لم يتم فيما بعد بفضل مكايد الوزير العربي ونصرة الشريف للأحباش ، ولم ينفع الأخير الندم بعد فوات الآونة ، ذلك لأنه بعد قتل القاضي عمران أرسل الشريف يحيى إلى السلطان سبأ يعتذر عما كان من نصرته للحبشة وذلك بقوله (عيون : ٧ / ١٣٤) :
يا راكبا جسرة كالغارب القطم |
|
هوى لقاربه الكدري من أمم |
إلى قوله :
وقد يعز علينا ما أصابكم |
|
منا بغير رضا كف ولا قدم |
والله يعلم أني يوم وقعتكم |
|
لم أمس إلا على جمر من الندم |
وأن فيض دم منكم كفيض دم |
|
بكربلاء وثأر الطف لم يرم |