نهائيا إلى مصر ـ يبدو وكأنما استقى معظم مادته من «تاريخ اليمن» الذي ضمنه
عمارة إشارات إلى أحداث شتى في حياته. وقد أخبرنا بأنه ولد في الزرائب وهي بلدة على الساحل الشمالي لليمن ، أو بالقرب منه ،
في منازل قبيلة بني حكم ، تلك القبيلة التي ينتمي إليها عمارة ، كما يتضح في لقبه
: الحكمي ، ويبدو أن اسمه ونسبه نجم الدين عمارة بن أبي الحسن
علي بن أحمد بن محمد زيدان. وفي صحيفة العنوان من مخطوطة تاريخه بالمتحف البريطاني
، يلقب عمارة بالقاضي ، وإن لم يكن ثمة ما يدل على أنه تقلد وظيفة القضاء ،
كما نجد إجماعا على تلقيبه بالفقيه.
وقد طلب العلم
بمدرسة زبيد سنة ٥٣٠ ه ، كما حكى عن نفسه ، ولعله ولد في سنة لا تسبق ٥١٥ ه ،
وهي السّنة التي ذكرها السيوطي .
وقد رحل عمارة
نهائيا عن اليمن سنة ٥٥٢ ه ، حين مضى إلى مكة ومنها إلى مصر ، حيث كان الرئيس
الروحي للدولة الفاطمية إذ ذاك الخليفة الفائز ، الذي ولي العرش وسنه خمس سنوات بعد مقتل أبيه الظافر سنة ٥٤٩ ه. حين كان للخلفاء مظهر الحكم ، بينما السلطة
الفعلية في الدولة كانت ـ وبقيت طويلا ـ بأيدي وزراء لم يقتصر نفوذهم على امتلاك
أعنة النفوذ السياسي ، بل لقبوا كذلك بالملوك. ولقد منح الخليفة الحافظ هذا اللقب
لأول مرة سنة ٥٣٠ ه. لأول وزير من هؤلاء الوزراء . وكان
__________________