المنصور أبي حمير سبأ بن أحمد بن المظفر ، على مئة ألف دينار ، وخمسين ألفا من أصناف التحف واللطائف. فانعقد النكاح. وسار سبأ من معقل أشيح إلى ذي جبلة ، ودخل إليها بدار العز. ويقال : إنها شبهت عليه بجارية من جواريها (١). فقامت على رأسه ليلها كله ، وهو لا يرفع الطرف إليها ، حتى أصبح فرجع إلى معقله. وأقامت هي بذي جبلة (٢).
وكان المستولي عليها المفضل بن أبي البركات من بني يام ـ رهط الصليحي ـ واستدعى عشيرته (٣) جانبا ، وأنزلهم عنده ، بذي جبلة. فكان يسطو بهم. وكانت سيدة تأتي التعكر في الصيف ، وبه ذخائرها وخزائنها ، فإذا جاء الشتاء رجعت إلى ذي جبلة ، ثم انفرد المفضل بالتعكر ، ولم ينكر منها ولا أنكرت منه.
ثم سار المفضل لقتال آل نجاح ، فوثب في حصن التعكر فقيه يلقب بالحمل ، مع سبعة من الفقهاء (٤). أحدهم إبراهيم بن زيدان ، عم عمارة الشاعر. فبايعوا الحمل على أن يمحو الدعوة الإمامية. فرجع المفضل من طريقه وحاصرهم. وجاءت خولان لنصرتهم ، فصانعم المفضل. وهلك في حصارهم سنة أربع وخمس مئة. فجاءت بعده الحرة سيدة ، وأنزلتهم على عهد ، فنزلوا ووفت لهم به ، وكفلت عقب المفضل وولده. وصار معقل التعكر في يد عمران بن الزر الخولاني وأخيه سليمان. واستولى عمران على الحرة السيدة مكان المفضل. ولما ماتت استبد عمران وأخوه بحصن التعكر ، واستولى منصور بن المفضل بن أبي البركات على ذي جبلة حتى اشتراه (٥) منه الداعي الزريعي صاحب عدن كما سيأتي :
واعتصم بمعقل أشيح الذي كان للداعي المنصور سبأ بن أحمد ،
__________________
(١) في الأصل : بجواريها.
(٢) راجع عمارة / كاي : ٣٥ ؛ والحواشي ٤١ ، ٤٢ والتعليق عليها.
(٣) في الأصل : عشيرة.
(٤) عبر (طبعة بولاق) : جماعة.
(٥) في الأصل : حتى باعه من الداعي ...