المكرم ، واستردها جياش (١) بن نجاح سنة إحدى (٢) وستين ، ثم انتقل المكرم إلى ذي جبلة سنة خمس (٣) وسبعين ، وولى على صنعاء عمران بن الفضل الهمداني ، فاستبد بها وتوارثها عقبه. وتسمى ابنه أحمد ، باسم السلطان ، واشتهر به ، وبعده ابنه حاتم بن أحمد ، وليس بعده بصنعاء من له ذكر ، حتى ملكها بنو سليمان لما غلبتهم الهواشم على مكة كما في أخبارهم (٤).
ولما انتقل المكرم إلى ذي جبلة ، وهي مدينة اختطها عبد الله بن محمد الصليحي سنة ثمان وخمسين (وأربع مئة) (٥) ، وكان انتقاله بإشارة زوجته ، سيدة بنت أحمد التي صار إليها تدبير ملكه بعد أمه أسماء. فنزلها وبنى فيها دار العز ، وتحيّل على قتل سعيد بن نجاح ، فتم له كما نذكر في أخبار بني (٦) نجاح ، وكان مشغولا بلذاته ، محجوبا بزوجته. ولما حضرته الوفاة سنة سبع (٧) وسبعين عهد إلى ابن عمه ، المنصور سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي الصليحي ، صاحب معقل أشيح [١٠٨]. فقلّده المستنصر العبيدي (٨) ، وأقام بمعقله ، وسيدة بنت أحمد بذي جبلة.
وخطبها المنصور سبأ ، وامتنعت فحاصرها بذي جبلة ، وقال له أخوها لأمها سليمان بن عامر الزواحي : والله لا تجيبك إلا بأمر المستنصر ، خليفة مصر. فراسل في ذلك ، وأجيب ، ووصل خادم من عند المستنصر ، وأبلغه أمره بذلك ، وتلا عليها : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(٩). وإن أمير المؤمنين زوجك من الداعي
__________________
(١) في الأصل : سعيد.
(٢) في الأصل : تسع وسبعين.
(٣) في الأصل : سنة ثمانين.
(٤) راجع حاشية ٨ (كاي).
(٥) زيادة لاستقامة المعنى.
(٦) في الأصل : ابن.
(٧) في الأصل : أربع وثمانين.
(٨) راجع التعليق على الحاشية ١٢٠ (كاي).
(٩) سورة رقم ٣٣ ؛ آية : ٣٦.