الفاتكيون (١) ، قد أراد كل منهم أن يبتاع (٢) من ورثة الوزير رزيق أراضي ورباعا ، فلم يصلوا إلى (٣) ذلك ، لعدم القدرة على (معرفة) (٤) صحة سهام كل وارث. ولما كان في سنة تسع وثلاثين ، وجدت في عدن شيخا من أهل حضرموت يسمى أحمد بن محمد الحاسب ، وكان حاسبا فرضيا (٥) ، قد جاوز الثمانين ، وهو يريد الحج. وكان ذا ضرورة (٦) ، ولم يملك منذ خلقه الله عشرة دنانير ، ولا يصدق من يقول : رأيت ألف دينار. لأنه كان ناشئا في بلاد كندة فيما يلي الرمل. فانكسر مركب في ساحل البحر المجاور ، فوقع منهم إلى رمل كندة ، رجل عالم زاهد ، وهذا الشيخ أحمد هو الفرضي. فأخذت هذا الفقيه إلى منزلي بعدن ، فكسوته وأمرت من كان معي بإكرامه وإطعامه ، وتنظيفه من فضلات وخضاب لحيته وأطرافه بالحناء. فلما حسنت حاله عادلني في محمل من عدن إلى زبيد ، ووعدته أني أحج به معي ، وأكفيه ففرح بذلك ووثق به ، وسكن إليه وذاكرته ليلة ونحن على الجمل فريضة بني رزيق ، وهي إحدى وخمسون بطنا ، فاندفع فيها كأنه يحفظها غيبا ، حتى طلع الفجر ، ولم يأخذني نوم لفرط المسرة بعلمه. ثم قال : إن شئت أن نترك السفر هذا اليوم وتقيم على هذه البئر ، ولم أصل صلاة الظهر حتى قد صححت الفريضة ، وعرفتك سهام كل واحد من الورثة على الانفراد ، ففعلت ذلك. فناولني الفريضة مكتوبة بخطه عند الغذاء وو الله لقد طال ما اجتمع عليها عثمان بن الصفار ، ومحمد بن علي السهامي ونظراؤهما من الفرضيين ، وما منهم إلا من يرى أن ابن اللبان [٨٠](٧) من أتباعه في الفرائض والوصايا والدور والجبر والمقابلة. وفي الزمان المتطاول ،
__________________
(١) في الأصل : والفاتكيون ؛ وفي خ : القائد بدلا من الوزير.
(٢) في الأصل : أن يبتاع منهم.
(٣) في الأصل : على.
(٤) زيادة اقتضاها السياق.
(٥) حجة في أحكام الميراث.
(٦) أي ذا حاجة.
(٧) انظر حاشية : ٨٠ (كاي) والتعليق عليها.