غشوما ، مهابا شجاعا ، مشهورا ، جوادا ، وله في العرب وقعات تحاموا تهامة (١) من أجلها. ثم طغى أنيس هذا ، وبنى دارا واسعة أرضية ، عرض كل قاعة منها ثلاثون ذراعا ، وعرض كل مجلس أربعون. وهي قصور واسعة ، وعمل لنفسه مظلة للركوب ، وضرب (٢) سكة باسمه ، وهم أن يفتك بمولاه المنصور. فاشتهر الأمر والنهي والتدبير من ندمائه ، لعبيد فاتك ، فدبروا عليه الرأي ، حتى حمل منصور بن فاتك (وقد بلغ مبلغ الرجال) (٣) مولاهم لهم وله وليمة في قصر الإمارة ، واستدعى أنيسا إليه ، فلما حصل عنده قطع رأسه ، واصطفى أمواله وحريمه. فممن صار إليه بالابتياع (٤) من ورثه أنيس ، جارية مغنية يقال لها علم. واستولدها منصور ولدا يدعى فاتكا ، وهي الحرة (١٤) الصالحة التي كانت تحج بأهل اليمن برا وبحرا في خفارتها من (٥) الأخطار والمكوس.
ومن جملة الوزراء بعد أنيس هذا : الشيخ من الله الفاتكي (٦) ، وهو الذي سور زبيد بعد الحسين بن سلامة (٧) ، وأفعاله مستوثقة له وعليه. فأما الذي له فالكرم الباهر ، والشجاعة والهيبة ، وهو الذي كسر ابن نجيب الدولة على باب زبيد ، وقتل من أصحابه مئة من العرب ، وثلاث مئة أرمني رماة ، وخمس مئة سود (وذلك في آخر سنة ثمان عشرة وخمس مئة) (٨). وله وقعة أخرى مع أسعد بن أبي الفتوح (٩) ، وقتل فيها من العرب ما ينيف على الألف (١٠). وهو الذي تصدق على مدارس الفقهاء الحنفية والشافعية بما
__________________
(١) في الأصل : بتهامة.
(٢) زيادة من خ.
(٣) زيادة من خ.
(٤) في الأصل : الامتناع.
(٥) في الأصل : في ؛ راجع النكت : ١ / ٢٤.
(٦) أنباء / دار : ٤٦.
(٧) سبق ذكره.
(٨) زيادة من خ.
(٩) أنباء / دار : ٤٦.
(١٠) في خ : على الألف رجل.