قال : بلى ، ويبقى الأمر في ولدي هذا المولود برهة من الدهر [٧٣].
قال جياش : ولقد أذكر يوما أن علي بن القم ، عاد يوما من دار السلطان إلى داره ، وهو مغتاظ ، فلما سكن غيظه قال : اصعد يا هندي حتى ألعب معك ، فلما أن لعبنا جاء الحسين ابنه ، فضرب عبدا له بالسوط ، فنالني طرفه وأنا غافل ، فتعاورت (١) وكانت عادة لي أقولها عند كل مهم يبغتني. وقلت : أنا أبو الطامي. فقال لي الشيخ : ما اسمك يا هندي؟ فقلت : بحر ، فقال : بحر والله يصلح أن يتكنى أبا الطامي [٧٤].
قال جياش : وندمت وساءت ظنوني بالقوم ، ثم قال (٢) : فلما أراد الله رجوع هذا الأمر إلينا وتلاعبت أنا والحسين الشاعر ابن القم الشطرنج ، وليس معنا إلا أبوه علي ، على سرير ، وهو يعلم ولده [ف](٣) قال له أبوه : إن غلبت الهندي أوفدتك على المكرم والسيدة بارتفاع هذه السنة ، ودفعت لك الوفادة التي يدفعونها لعامل تهامة ، وهي ألوف من الدنانير ، فتراخيت له حتى غلبني قصدا في التقرب إلى قلب أبيه ، فطاش الحسين من الفرح ، فسفه عليّ بلسانه ، فاحتملته لأبيه ، وقمت من الغيظ فعثرت فقلت : أنا جياش ، على جاري عادتي ، ولم يسمعن إلا الشيخ (٤) ، فوثب علي بن القم خلفي حافيا يجر رداءه حتى أدركني ، فأمسكني (٥) وأخرج المصحف فحلف لي بما طابت به نفسي وحلفت (٦) ، وليس معنا أحد. ثم أمر بإخلاء دار الأعز (٧) بن الصليحي ، وفرشت وعلقت ستورها ، ونقلت الجارية الهندية إليها [وحمل إليها](٨) الوصائف والوصفان ، وماعون (٩) وأثاث. وعاقني عنده
__________________
(١) في الأصل : اعتريت ولرجح أنها تعاورت أي هب من النوم وهو يتكلم.
(٢) في الأصل : قال جياش ولا توجد ثم.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل : فلم يسعن سوى الانصراف والتصحيح من خ.
(٥) في الأصل : فأخرج.
(٦) في الأصل : فحلفت.
(٧) في الأصل : الأغر والتصحيح من أنباء / دار ٤٣.
(٨) زيادة من خ.
(٩) الماعون : كل ما انتفعت به من فأس أو قدر أو نحوها من أشياء البيت.