الجشميات (١) اللاتي (٢) في (٣) مضاربه [٦٣]. فلما أخبرت والدي بذلك ، ركب بنفسه ، وقال لمن حضر من آل الذيب ، وهم بنو عمه الأدنون : إن العرب المستأجرة لا تقدر على حر الطعان ، ولا يمسك النار إلا موقدها (٤) ، فالقوا بني عمكم ، فاصطلوها بأنفسكم ، وإلا فهي الهزيمة والعار. فالتقى القوم. فحمل منا فارس ، على منيع بن مسعود فطعنه طعنة شرم بها شفته العليا ، وأرنبة أنفه.
وكثر الطعن بين الفريقين ، والجلاد بالسيوف ، وعقر الخيل. والعرب المحشودة نظارة ، ثم حملت همدان ، ففرقت بين الناس ، وتحاجز القوم ، لأن وادي لحج أقبل دافعا بالسيل ، فوقفوا (٥) على عدوتي (٦) الوادي يتحدثون. فقال الداعي سبأ ، أو غيره لمنيع بن مسعود : كيف رأيت تقبيل الجشميات يا أبا مرافع في هذه العشية؟ فقال لمنيع : وجدته كما قال المتنبي :
والطعن عند مجيهن (٧) كالقبل (٨) [٦٤]
فلم يزل الناس يستحسنون هذا الجواب لمنيع ، لأن الشاهد وافق الحال. وحدثني الداعي محمد بن سبأ قال : أقامت فتنة الرعارع سنين ، وكان علي أخو محمد بن أبي الغارات ، في أول الأمر ، ينفق الأموال جزافا ؛ والداعي يمسك ، فكاد (٩) الناس أن يميلوا علنا. فلما تضعضعت حال علي بذل الداعي ما لم يخطر بالبال أن يبذله.
__________________
(١) في خ : الجشيمات : وبنو جشم من قبيلة بني يام ، وبنو يام فرع من السبط الكبير في همدان.
(٢) في الأصل : التي.
(٣) انظر حاشية : ٦٣ (كاي) والتعليق عليها.
(٤) انظر حاشية : ٦٣ (كاي) والتعليق عليها.
(٥) في الأصل : فأوقفوا.
(٦) يعني ثنيتي.
(٧) في الأصل : محيهن.
(٨) انظر حاشية : ٦٤ (كاي) والتعليق عليها.
(٩) في الأصل : فكان.