فنهى عن ذلك لكمال شفقته على عليّ وعلى فاطمة. والثانية : خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة.
وقيل : ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : أعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان ، كما قال أنس بن النضر : والله لا تكسر ثنية الربيع.
ويحتمل أن المراد : تحريم جمعهما ، ويكون معنى لا احرم حلالاً ، أي : لا أقول شيئاً يخالف حكم الله ، فإذا أحلّ شيئاً لم أحرمه ، وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه ، لأن سكوتي تحليل له ، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنتي عدوّ الله وبنت نبي الله » (١).
وقال العيني : « نهى عن الجمع بينها وبين فاطمة ابنته لعلتين منصوصتين ... » (٢).
أقول : أمّا « الا تجتمع ... » فليس صريحاً في التحريم ، ولذا قيل : (ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : اعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان ».
وأمّا « ليس لأحد ... » فظاهر في الحرمة لعموم المسلمين ، فيكون حكماً مخصّصاً لعموم أدلّة الجواز لكن لا يفتني به أحد ... بل يكذبه عمل عمر بن الخطاب ، حيث خطب ـ فيما يروون ـ ابنة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليهالسلام وعنده غير واحدة من بنات أعداء الله كما لا يخفى على من راجع تراجمه.
وأما « لم يكن ذلك له » فصريح في اختصاص الحكم بعين ، فهل هو نهي تنزيهي أو تحريمي؟ إن كان الثاني فلا بدّ أن يفرض مع جهل علي به ، لكن المستفاد من النووي وغيره هو الاوّل ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الجمع للعلتين المذكورتين.
أما الثانية فلا تتصوّرفي حق كثير من النساء المؤمنات فكيف بالزهراء الطاهرة المعصومة!!
وأما الأولى فيردها : أن صعود المنبر ، والثناء على صهر آخر ، ثم القول بأنه
__________________
(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ـ هامش إرشاد الساري ـ ٩ / ٣٣٣.
(٢) عمدة القاري ١٥ / ٣٤.