وفاطمة الزهراء ليست بالتي تفتن عن دينها أو يعتريها ما يعتري النسوة وقد نزلت فيها اية التطهير من السماء ، وكانت لعصمتها وكمالاتها سيدة النساء ، وعلى فرض ذلك ـ كما تقول هذه الأحاديث ـ فلا خصوصية لابنة أبي جهل.
والنبي يعترف في خطبته بأن علياً ما فعل حراماً ، ولكن لا يأذن. فهل إذنه شرط؟! وحل يجوز حمل الصهر على طلاق زوجته إن تزوج بأخرى عليها؟!
كل هذا غير جائز ولا كائن ...
سلّمنا أن فاطمة أخذتها الغيرة (١) ، والنبي أخذته الغيرة لابنته ، (٢). فلماذا صعد المنبر وأعلن القصة وشهر؟!
يقول ابن حجر : « وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به ، إمّا على سبيل الإيجاب ، وإمّا على سبيل الأولوية » (٣).
وتبعه العيني (٤).
والمراد بالحكم : حكم « الجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله » لكن ألفاظ الحديث مختلفة ، ففي لفظ : « لا تجتمع ... » وفي آخر : « ليس لأحد ... » وفي ثالث : « لم يكن ذلك له ». ولذا اختلفت كلمات العلماء في الحكم!
قال النووي : « قال العلماء : في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم بكل حال وعلى كل وجه ، وإن تولد ذلك الإيذاء ممّا كان أصله مباحاً وهو حي. وهذا بخلاف غيره. قالوا : وقد أعلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله : لست احرم حلالاً ، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين ، إحداهما : أن ذلك يؤدّي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذٍ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فيهلك من آذاه.
__________________
(١) ومن هنا ذكر ابن ماجة الحديث في باب الغيرة.
(٢) ومن هنا عنون البخاري : « باب ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف » ولم يذكر فيه إلآ هذا الحديث!!
(٣) فتح الباري ٧ / ٦٨.
(٤) عمدة القاري ١٦ / ٢٣٠.