فى المحنة خرج من البلاط إلى المخيم ، وطعن نظام الملك بالسكين وقتله فكان أول شخص قتله الفدائيون ، وفكر السلطان جلال الدين ملكشاه فى هذا الوضع وأخذ يفكر ويدبر لاستئصال شأن تلك الطائفة الطاغية ولما لم يأذن القدر ، فلم ينفع تدبيره وكان قد وصل إلى آخر فترة حكمه ، وانتقل آنذاك أيضا من دار الفناء إلى دار البقاء وبوفاته تأخر التدبير والإعداد لقمع تلك الأباطيل.
" حسام الدولة شهريار بن قارون"
كان الوزير نظام الملك قد كتب ذات يوم من الديوان ومن الحضرة السلطانية أنهم رووا له أنه يوجد الآن صوفى صاحب فرقة مجتهد متهجد ، له عدة أيام بلياليها لم ينطق بكلمة ، ولا أبدى رغبة فى شراب أو طعام ، فقال الوزير نظام الملك أحضروه أمامى على الفور كى أراه ، ولما حملوا الحسن الصباح أمامه لم يلق السلام فوقف نظام الملك على قدميه ألقى عليه السلام وأراد أن يضمه إلى صدره فضرب بيده على الوزير ، وقال له ابتعد عنى فلا ينبغى أن تحترق بنار معرفتى ، فتطير الوزير من هذا الأمر ، وصفعه عدة صفعات وأبعده فتحرك من هناك إلى «ألموت» وجهر بدعوته وبعث بالملحدين إلى أصفهان وقتلوا الوزير العظيم صاحب الهمة العالية والمروءة والشهامة كما توفى آنذاك أيضا ملكشاه ووقع خلاف بين السلطان محمد بن ملكشاه وأخيه بركيارق واستولى الملاحدة على قمم الجبال وتأججت نيران فتنهم ، وشيدوا القلاع ، وبلغ شر كفرهم إلى كافه الأنحاء والمناطق واقتتل محمد وبركيارق ووقعت الحروب المتواصلة بينهما ، إلى أن شاء الله أن ينتزع بركيارق من أمام محمد واستقام لمحمد الحكم وكان سنجر أخا شقيقا له ، فأرسله إلى خراسان وتولى جهاد الملاحدة واستولى فى البداية على إتشى كوه فى ظاهر مدينة أصفهان ، وقتل عدة آلاف من الملاحدة ، وأخضع كل قلعة كان بها ملحد وكل مكان كان به زعامة وسلطة كان يستخلصه ويعين عليه نوابه ، وبعث للإصفهبد حسام الدولة شهريار بن قارن بأن يجب أن تمثل لخدمتنا ولو تقاعست أو تخلفت عن المثول فسوف أنتزع الولاية منك ، وحين سمع الإصفهبد برسالة السلطان قال إنه لا يليق مثولى بين يديه بهذه الرسالة ولو كان السلطان يرغب فى حضورى إليه لكان الواجب عليه أن يطلب ذلك باللطف الملكى والخلق السامى لكن الولاية مقرها ها هنا فيطلب ما يشاء لأرسله إليه فليس لى رغبة فى خدمته.