ذلك الأمر ، وذات يوم كان مشغولا فى آمل بالشراب واللهو والصيد إذ وصل إليه الأمر بأن يعود ويأتى إلى بخارى ، فلما وصل إلى بلاط والده أغلظ له ووبخه وقال له : أتعلم ماذا يحدث لبخارى من خلل لو فقدنا طبرستان ، ألا تعلم لو حدث مثل هذا فلن نستطيع أن نكون فى مأمن فى بخارى ، وذهب أبو العباس بعد هذه المعركة إلى الرى وكتب إلى حاجبه المدعو بارس والذى كان واليا على جرجان ، وأرسل إليه برسالة ينصحه فيها بأن يحتاط ، وظل يتعقب محمد بن هارون حتى يوم وفاته ، فأرسل بارس إلى بخارى ، وكتب لإسماعيل بأن يرسل بالشارة والعلم والعلامة الخاصة به وخاتمه ، وأخذ محمد بن هارون الجيش مرة أخرى ، وحضر إلى آمل وصاح بارس بأن إسماعيل قد حضر ووصل مع علمه وإشارته من جرجان إلى آمل حيث قام بارس بإحضار رجل وألبسه ملابس إسماعيل فى يوم المعركة وجعله فى القلب مع غلمانه ، وقد ربط سيفا فى خصره بدون درع وسلاح ، وجاء غلام آخر إلى محمد بن هارون وقال له : أنت مجنون أيها الرجل ، أتأتى وترفع السيف فى وجه مخدومك ، إن هذا لم يقع من شخص فى العالم ، وقد أرسلنى بخاتمه إليك ، ويقول لك أنه أقسم بالأيمان أن أعفو عنك وأسند الولاية لك وأقطعك على خراسان ، ورأى محمد بن هارون الخاتم والعلامة والشارة فتوجس خيفة ، وقال لجنده عليكم بالبقاء فى أماكنكم ولا تتحركوا منها قط ، وقال لبارس تقدم حتى نقترب من مخدومنا ، فأحضره بارس إلى أن وصل إلى قلب جيشه ، وفى الحال أنزله من على جواده ، وقيده بقيد ثقيل ، وسيره على الفور ، وارتحل فى أثره ، فانضم بعض من جيش محمد بن هارون إلى بارس ، والبعض الآخر وصل إلى بغداد ، ومن بقى اتخذ من طبرستان مقاما له ، أما محمد بن هارون فأخذوا يسرعون به ليل نهار إلى أن وصلوا به بخارى لدى إسماعيل ، فأمرهم بأن يطوفوا به المدينة ، وأن يحاصروا أتباعه ، وسدوا المنافذ عليه إلى أن مات جوعا وعطشا ، كما وصل فى تلك المدة أيضا أبو العباس بن نوح إلى طبرستان ، وظلت المنطقة من جرجان إلى جيلان تحت حكمه ، ولسعيد بن محمد الكاتب قصيدة ، وقد ذكر بعض من تلك القصيدة :
إذا ما أبو العباس قاد جياده |
|
لأرض العدى عمت برعب وزلزال |
كرجل الدبا من كل أليس لاينى |
|
عن القرن خواض المنايا وجوال |
فلله عبد الله يوم يشلهم |
|
بصولة ليث فوق أجرد ذيال |