أحوجت إلى أن يسافر إليك ولا تسافر ، ويهاجر نحوك ، ولا تهاجر ، وتشد الرحال إلى بلدك ، وأنت ملازم لعقر وطنك ، توهم إنك على السن متزابد الوهن ، تنهض بمعاون وتسعى بمقارن فرفقا رفقه إن الصدق أولى أن يكون حقا شهدتك ببغداد طورا فى المدرعة وتارة فى المرقعة ، لم يخط الشعر بخديك فكيف أن يخطك الشيب بعارضيك تطير ولا تسير.
فكيف صرت الآن من المعمرين الذين أدركوا الهجرتين ، وصلوا القبلتين ، وشهدوا ببدر حنين ، ورأوا قبل الايلاف هاشم بن عبد مناف ، ولا بأس فقد احتملناك هذا العام الماضى على ظلع وقبلنا عذرك تمشى على جمع ، فاذا أتاك عمرنا الله واياك عام فيه يغاس الناس ، وفيه يعصرون ، فتجشم إلينا واطلع من ثنيات الوداع علينا ، وكن أمانى تقدر وتمنى وآمالا تقرب وتدنى وسامرنا بألفاظ تتشابهن بدائع ، ومعان تتناصفن محاسن.
أخرت الاجابة عن كتابك غيظا ، لما أفقدتنيه من الأنس باقترابك وكدت أحبسن غلامك حولا أفزع ثم ردتنى عواطف الايثار وخشيت أن يأخذ منك الحسود بالثار ، بل أشفقت من أن ينشد قول البحترى الطائ فى حمولة البروجودى وزير أحمد بن عبد العزيز العجلى حين أبطأ غلامه نصر ببابه وكاد يبأس من إيابه.
ليت شعرى أمات نصر حماما |
|
أم تأتت له المتالف غيله |