إليه إبلاغا في قوة
لزه ورصه : اثنان وثلاثون عمودا قد خرجت لها رؤوس قابضة على حافة البئر دائرة
بالتنور كله. ودوره أربعون شبرا ، وارتفاعه أربعة أشبار ونصف ، وغلظه شبر ونصف.
وقد استدارت بداخل القبة سقاية سعتها شبر ، وعمقها نحو شبرين ، وارتفاعها عن الأرض
خمسة أشبار ، تملأ ماء للوضوء ، وحولها مصطبة دائرة يرتفع الناس إليها ويتوضأون
عليها.
والحجر الأسود
المبارك ملصق في الركن الناظر إلى جهة المشرق ، ولا يدري قدر ما دخل في الركن.
وقيل : إنه داخل في الجدار بمقدار ذراعين. وسعته ثلثا شبر ، وطوله شبر وعقد ، وفيه
أربع قطع ملصقة. ويقال : إن القرمطي ، لعنه الله ، كان الذي كسره.
وقد شدت جوانبه
بصفيحة فضة ، يلوح بصيص بياضها على بصيص سواد الحجر ورونقه الصقيل فيبصر الرائي من
ذلك منظرا عجيبا ، هو قيد الأبصار. والحجر عند تقبيله لدونة ورطوبة يتنعم بها الفم
، حتى يود اللاثم أن لا يقلع فمه عنه ، وذلك خاصة من خواص العناية الإلهية. وكفى
أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : «إنه يمين الله في أرضه». نفعنا الله
لاستلامه ومصافحته ، وأوفد عليه كل شيق إليه بمنّه. وفي القطعة الصحيحة من الحجر ،
مما يلي جانبه الذي يلي يمين المستلم له إذا وقف مستقبله ، نقطة بيضاء صغيرة مشرقة
، تلوح كأنها خال في تلك الصفحة المباركة. وفي هذه الشامة البيضاء أثر : إن النظر
إليها يجلو البصر. فيجب على المقبل أن يقصد بتقبيله موضع الشامة المذكورة ما
استطاع.
والمسجد الحرام
يطيف به ثلاث بلاطات على ثلاث سوار من الرخام ، منتظمة كأنها بلاط واحد ، ذرعها في
الطول أربعمائة ذراع ، وفي العرض ثلاثمائة ذراع. فيكون تكسيره محققا ثمانية
وأربعين مرجعا ، وما بين البلاطات فضاء كبير. وكان على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، صغيرا. وقبة زمزم خارجة عنه ، وفي مقابلة الركن الشامي ، رأس سارية
ثابتة في الأرض منها كان حد الحرم أولا. وبين رأس السارية وبين الركن الشامي
المذكور ، اثنتان وعشرون خطوة. والكعبة في وسطه على استواء من الجوانب الأربعة ،
ما بين الشرق والجنوب والشمال والغرب. وعدد سواريه الرخامية التي عددتها بنفسي
أربع مئة سارية وإحدى وسبعون سارية ، حاشا الجصية