بكر الصديق ، رضي الله عنه ، وهو كان طريق عائشة إليها. وبإزائها دار عمر بن الخطاب ، ودار ابنه عبد الله ، رضي الله عنهما : ولا شك أن ذلك الموضع هو موضع الخوخة المفضية لدار أبي بكر التي أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بإبقائها خاصة.
وأمام الروضة المقدسة أيضا صندوق كبير هو للشمع والأنوار التي توقد أمام الروضة كل ليلة. وفي الجهة الشرقية بيت مصنوع من عود هو موضع مبيت بعض السدنة الحارسين للمسجد المبارك ، وسدنته فتيان أحابيش وصقالب ظراف الهيئات نظاف الملابس والشارات ، والمؤذن الراتب فيه أحد أولاد بلال ، رضي الله عنه. وفي جهة جوف الصحن قبة كبيرة محدثة جديدة تعرف بقبة الزيت ، هي مخزن لجميع آلات المسجد المبارك وما يحتاج إليه فيه. وبإزائها في الصحن خمس عشرة نخلة. وعلى رأس المحراب ، الذي في جدار القبة داخل المقصورة ، حجر مربع أصفر قدر شبر في شبر ، ظاهر البريق والبصيص ، يقال : إنه كان مرآة كسرى ، والله أعلم بذلك. وفي أعلاه داخل المحراب مسمار مثبت في جداره ، فيه شبه حق صغير لا يعرف من أي شيء هو ، ويزعم أيضا أنه كان كأس كسرى ، والله أعلم بحقيقة ذلك كله.
ونصف جدار القبلة الأسفل رخام ، موضوع إزارا على إزار ، مختلف الصنعة واللون ، مجزع أبدع تجزيع. والنصف الأعلى من الجدار منزل كله بفصوص الذهب المعروفة بالفسيفساء ، قد أنتج الصناع فيه نتائج من الصنعة غريبة تضمنت تصاوير أشجار مختلفات الصفات مائلة الأغصان بثمرها. والمسجد كله على تلك الصفة ، لكن الصنعة في جدار القبلة أحفل. والجدار الناظر إلى الصحن من جهة القبلة كذلك ، ومن جهة الجوف أيضا. والغربي والشرقي الناظران إلى الصحن مجردان أبيضان ومقرنصان قد زينا برسم يتضمن أنواعا من الأصبغة ، إلى ما يطول وصفه وذكره من الاحتفال في هذا المسجد المبارك المحتوي على التربة الطاهرة المقدسة ، وموضعها أشرف ، ومحلها أرفع من كل ما تزين به.
وللمسجد المبارك تسعة عشر بابا ، لم يبق منها مفتحا سوى أربعة في الغرب : منها اثنان ، يعرف أحدهما بباب الرحمة ، والثاني بباب الخشية ، وفي الشرق اثنان : يعرف أحدهما بباب جبريل ، عليه السلام ، والثاني بباب الرجاء. ويقابل باب جبريل ، عليه