عن ذلك ، وربما
لحظ الحال لحظة من لا يستجيزها ولا يصوب العقل في ذلك. وما ظنك بماء زمزم المبارك
قد صب داخل بيت الله الحرام وماج في جنبات أركانه الكرام ثم انصب بإزاء الملتزم
والركن الأسود المستلم ، أليس جديرا بأن تتلقاه الأفواه فضلا عن الأيدي ، وتغمس
فيه الوجوه فضلا عن الأقدام؟ وحاشا لله أن تعرض في ذلك علة تمنع منه وشبهة من
شبهات الظنون تدفع عنه ، والنيات عند الله تعالى مقبولة ، والمثابرة على تعظيم
حرماته برضاه موصولة ، وهو المجازي على الضمائر وخفيات السرائر ، لا إله سواه.
شهر شعبان المكرم
عرفنا الله بركته
استهلّ هلال شعبان
المكرم ليلة السبت التاسع عشر لشهر نونبر . وفي صبيحته بكر الأمير مكثر إلى الطواف على العادة في ذلك
رأس كل شهر مع أخيه وبنيه ومن جرى الرسم باستصحابه من القواد والأشياع والأتباع ،
وعلى الأسلوب المتقدم الذكر ، والزمزمي يصرخ في مرقبته على عادته متناوبا مع أخيه
صغيره. وفي سحر يوم الخميس الثالث عشر منه ، وهو أول يوم من دجنبر ، بعد طلوع الفجر ، كسف القمر ، وبدأ الكسوف والناس في
صلاة الصبح في الحرم الشريف ، وغاب مكسوفا ، وانتهى الكسوف ثلثه ، والله يعرفنا
حقيقة الاعتبار بآياته.
وفي يوم الجمعة
الثاني من ذلك اليوم أصبح بالحرم أمر عجيب وذلك أنه لم يبق بمكة صبي إلا وصبحه
واجتمعوا كلهم في قبة زمزم ، وينادون بلسان واحد : هللوا وكبروا يا عباد الله ،
فيهلل الناس ويكبرون. وربما دخل معهم من عرض العامة من ينادي معهم بندائهم. والناس
والنساء يزدحمون على قبة البئر المباركة لأنهم يزعمون ،
__________________