حكم عليه فيه بالعدل ، ليكون على قياس لغتهم في منع الصّرف لسببين ، وليس فيه ما يمكن تقديره مع العلميّة من الأسباب سوى العدل ، وذلك ظاهر ، فلو لم يقدّر لوجب أن يكون السّبب الواحد مانعا من الصّرف ، وهو خرم قاعدة معلومة الاطّراد ، أو صرفه ، وهو خلاف لغة العرب ، وإذا صرف وجب أن يقدّر أصلا غير معدول ، إذ تقدير المعدول (١) مفسد مع الاستغناء عنه. والأكثر في لغتهم منع صرف فعل علما ، وجاء الصّرف قليلا ، كقولهم : هذا أدد مصروفا (٢) ، وكذلك لبد اسم النّسر المعروف ، وأمّا قزح ـ اسم رجل وموضع بالمزدلفة (٣) ، وقوس قزح ـ فغير مصروف ، فلو (٤) سمّي بفعل ممّا ليس مسمّى به في لغة العرب ، أو لم (٥) يثبت كيفيّة استعماله ، فقيل : الأولى منع صرفه إجراء له على الأكثر (٦) ، وقيل : الأولى صرفه لأنّه القياس وتقدير العدل على خلاف القياس (٧) ، وفي كلام سيبويه ما يدلّ على أنّه (٨) إن كان مشتقّا من فعل منع صرفه وإلّا صرف (٩).
ومنها «سحر» ، وهو معدول عن السّحر الذي هو قياس تعريف مثله من النكرات قبل العلميّة (١٠) ، وجعل علما كأمس عند بني تميم في الأمرين (١١) ، وأمّا أهل الحجاز فبنوا أمس لتضمّنه
__________________
(١) في د : «إذ تقديره غير العدل» ، تحريف.
(٢) انظر الكتاب : ٣ / ٤٦٤.
(٣) قال ياقوت : «وهو القرن الذي يقف الإمام عنده بالمزدلفة ، وقيل : اسم جبل بالمزدلفة» ، معجم البلدان (قزح).
(٤) سقط من ط : «فلو» ، خطأ.
(٥) في ط : «ولم» ، تحريف.
(٦) انظر ما ينصرف وما لا ينصرف : ٣٩ ـ ٤٠.
(٧) ممن ذهب إلى هذا الرأي الأخفش وابن السّيد. انظر ارتشاف الضرب : ١ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦ والأشموني : ٣ / ٢٦٥ ، والهمع : ١ / ٢٨.
(٨) في د : «على أن المعدول إن ..».
(٩) انظر الكتاب : ٣ / ٢٢٥ ، وحاشية الصبان على شرح الأشموني : ٣ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
وكلام ابن الحاجب هنا يكاد يطابق كلام صاحب البسيط ، فقد قال السيوطي : «قال صاحب البسيط : لو سمّي بفعل ممّا لم يثبت كيفية استعماله ففيه ثلاثة أقوال : أحدها : الأولى منع صرفه حملا على الأكثر.
الثاني : الأولى صرفه نظرا إلى الأصل ، لأن تقدير العدل على خلاف القياس.
الثالث : إن كان مشتقا من فعل منع من الصرف حملا على الأكثر ، وإلّا صرف ، وهو فحوى كلام سيبويه».
الأشباه والنظائر : ١ / ٢٣٣.
(١٠) انظر الكتاب : ٣ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، والمقتضب : ٣ / ٣٧٨ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٢٥٠.
(١١) كتب في هامش النسخة د : «في الأمرين أي : في التعريف والتنكير كقوله تعالى : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) ، ق : ١٨ ب.