وجب تأويله ، وله ههنا تأويلان : أحدهما : أن يكون ثمّة مضاف قبل «مجرّ» ، وتقديره : كأنّ موضع مجرّ الرّامسات (١) ، وهو خير من تقدير «أثر» (٢) لئلّا يحصل ما هرب منه من الإخبار (٣) بقضيم ، إذ الأثر مشبّه بالكتابة لا بالرّقّ ، وغرضنا ههنا المشبّه بالرّقّ (٤) ، لأنّ الرّقّ (٥) هو الذي وقع خبرا عن «كأنّ» ، فوجب أن يكون اسمها هو المشبّه هو به.
والوجه الثاني : أن يكون «مجرّ» موضعا على ظاهره ، والمضاف محذوف من الرّامسات ، كأنّه قال : كأنّ مجرّ جرّ الرّامسات ، ويتأكّد بأمرين : أحدهما : مطابقة المشبّه بالمشبّه (٦) به ، لأنّ فيه ذكر الموضع أوّلا والأثر ثانيا ، كما أنّ المشبّه به ذكر فيه الرّقّ أوّلا والتّنميق ثانيا.
والآخر : أنّ المحذوف مدلول عليه ب «مجرّ» ، لأنّ «مجرّ» موضع (٧) الجرّ ، فلم يقدّر إلّا ما دلّ عليه بخلاف التقدير الأوّل ، فإنّ المؤدّي إليه امتناع استقامته في الظّاهر ، وهو بعينه موجود ههنا مع الوجهين الآخرين ، ويضعف من جهة أنّ «ذيولها» تكون منصوبة بمصدر مقدّر ، والنّصب بالمصادر المقدّرة لا يكاد يوجد ، ومن أجل ذلك قدّم ذلك التقدير الأوّل ، [وهو «موضع جرّ الرّامسات»](٨).
__________________
(١) ذكر هذا التأويل ابن بري في شرح شواهد الإيضاح : ١٧٥ ، والجاربردي في شرح الشافية : ١٠٩
(٢) أجاز ابن يعيش تقدير أثر وموضع ، انظر شرحه للمفصل : ٦ / ١١١
(٣) في د : «بالإخبار».
(٤) من قوله : «اسم للمكان وقد عمل» إلى «بالرق» نقله البغدادي في شرح شواهد الشافية : ١٠٧ بتصرف.
(٥) سقط من د : «لأن الرق». خطأ.
(٦) سقط من ط : «بالمشبّه». خطأ.
(٧) في ط : «مجر معناه موضع».
(٨) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.