«قال سيبويه : وأجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان على بناء فاعل» (١).
كأنّهم جعلوا ما فيها من زيادة المعنى قائما مقام ما فات من زنة (٢) فاعل ، فأعملوها عمله ، ومثّل بذلك في التقديم والتأخير والإظهار والإضمار كما مثّل به في فاعل ، وقوله (٣) : «ضروب رؤوس الرّجال وسوق الإبل» ههنا مثل «ضارب زيد وعمرا» (٤) في اسم الفاعل.
قوله : «وما ثنّي من ذلك وجمع مصحّحا أو مكسّرا يعمل عمل المفرد».
يريد منهما جميعا ، أعني ما كان على وزن فاعل ، وما كان للمبالغة ، سواء كان الجمع مصحّحا أو مكسّرا كما ذكر.
ثمّ مثّل بالجمع المصحّح والمكسّر ، ومثّل بجمع اسم الفاعل والمبالغة ، وهو قوله (٥)
...... مهاوين ...... |
...... |
كأنّه جمع مهوان للمبالغة ، و «غفر» (٦) جمع غفور للمبالغة.
__________________
(١) الكتاب : ١ / ١١٠
(٢) في ط : «أنه». تحريف. وانظر الكتاب : ١ / ١١٠
(٣) أي : الزمخشري. وفي المفصل : ٢٢٧ «هذا ضروب ...» و «هذا ضارب ..».
(٤) ساق سيبويه هذا المثال والذي قبله في الكتاب : ١ / ١١٠
(٥) البيت بتمامه :
شمّ مهاوين أبدان الجزور مخا |
ميص العشيّات لا خور ولا قزم |
وقائله الكميت وهو في ديوانه : ٢ / ١٠٤ ، والكتاب : ١ / ١١٤ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٧٦ ، والمقاصد للعيني : ٣ / ٥٦٩ ، والخزانة : ٣ / ٤٤٨ ، وقوله : شمّ : جمع أشم من الشمم وهو ارتفاع في قصبة الأنف ، وأبدان : جمع بدن وهو من الجسد ما سوى الرأس واليدين والرجلين ، والجزور بفتح الجيم من الإبل خاصة تقع على الذكر والأنثى وجمعها جزر بضم الميم والزاي ، ومخاميص : جمع مخماص مبالغة خميص ، والخور جمع أخور وهو الضعيف ، والقزم : رذال الناس. الخزانة : ٣ / ٤٤٩ ـ ٤٥٠
(٦) وردت هذه الكلمة في البيت التالي :
ثمّ زادوا أنّهم في قومهم |
غفر ذنبهم غير فخر |
وقائله طرفة بن العبد ، وهو في ديوانه : ٦٤ ، والكتاب : ١ / ١١٢ ـ ١١٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٧٥ ، والمقاصد للعيني : ٣ / ٥٤٨ ، وقوله : غفر ذنبهم أي يغفرون ذنوب المذنبين.