يعني أن يكون واحدا من العدد المضاف هو إليه على حسب ما تقدّم من المعنيين ، ولا يستقيم الوجه الثاني (١) لأنّه مبنيّ على الفعل ، ألا ترى أنّ قولك : رابع ثلاثة إنّما هو من قولك : ربعت الثلاثة ، إذا كمّلتهم بنفسك أربعة ، فجاء رابع ثلاثة من ذلك ، فهو فرع على قولك : رابع ثلاثة ، أي مصيّر الثلاثة أربعة.
وأمّا ما زاد على العشرة فليس له فعل بهذا المعنى ولا غيره ، فيبنى منه اسم الفاعل ، وإنّما هو اسم محض ، فإذا أضيف كإضافة الأسماء وجب أن يكون على الوجه الأوّل الذي أضيف باعتبار الاسميّة ، لا باعتبار الفعليّة ، فعلى هذا تقول : ثاني عشر اثني عشر ، ولا تقول : ثاني عشر أحد عشر لما تقدّم.
ثمّ لهم فيه (٢) عبارتان مشهورتان :
إحداهما : أن تذكر الاسمين جميعا في الأوّل والثاني فتقول : حادي عشر أحد عشر ، وتبني الجميع لوجود علّة البناء.
وثانيهما : أن تحذف الاسم الثاني فتقول : حادي أحد عشر وثالث ثلاثة عشر استغناء بعشر آخرا عن أن تذكرها أوّلا ، لأنّه معلوم ، والأوّل في هذا معرب لفقدان علّة / البناء ، والثاني مبنيّ على أصله (٣).
وقد قيل وجه ثالث ، وهو أن تقول : حادي عشر ، فتحذف الاسم الثاني من الأوّل والأوّل من الثاني ، فيبقى لفظه كلفظ الأوّلين في الصّورة ، ولم ينقل إلّا البناء (٤) لقيام الآخر من الثاني مقام الثاني من الأوّل ، والظّاهر أنّ هذا اللّفظ هو لفظ الاسمين الأوّلين ، وكذلك سائرها ، بخلاف ثالث ورابع ، فإنّ له معنيين ، فلم (٥) يستغن إذا قصد فيه أحد المعنيين عن ذكر المضاف ليتبيّن المقصود به ، والله أعلم.
__________________
(١) أي أن يجعل العدد المعدود على العدد الذي هو منه.
(٢) في ط : «فيهم». تحريف.
(٣) انظر هذين الوجهين في الكتاب : ٣ / ٥٦٠ ـ ٥٦١ ، والمقتضب : ٢ / ١٨٢ ، وذهب الكوفيون إلى أنّه لا يجوز أن يقال : ثالث عشر ثلاثة عشر وأجازه البصريون ، انظر الإنصاف : ٣٢٢ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٢ / ٤١٢ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ١٦٠
(٤) ذكر الأشموني في مثل «حادي عشر» مستغنى به عن «حادي عشر أحد عشر» وجهين : أحدهما : أن يعرب الأول ويبني الثاني وحكاه عن ابن السكيت وابن كيسان والكسائي ، وثانيهما أن يعربا معا لتقدير حذف عجز الأوّل وصدر الثاني ، وردّ ما حكاه بعضهم من بناء حادي عشر ، انظر : الأشموني : ٤ / ٧٦ ، وانظر أيضا المقتضب : ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ، والتكملة : ٧٠ ـ ٧١ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٢ / ٤١٢ ، والهمع : ٢ / ١٥١.
(٥) سقط من ط : «فلم». خطأ.