هذا معلوم بالاشتقاق ، لأنّك تقول : واحد ، فتعلم أنّ فاء الكلمة واو ، فإذا قلت : أحد ، وهو مشتقّ منه ، علمت أنّ الهمزة عن الواو ، وذلك واضح.
قوله : «وتقول في تعريف الأعداد : ثلاثة الأثواب ، وعشرة الغلمة» إلى آخره.
قال : لا تخلو الأعداد إمّا أن تكون مضافة أو غير مضافة ، فالمضافة تعريفها بتعريف المضاف إليه كما تقدّم في فصول الإضافة (١) كقولك : «ثلاثة الأثواب» و «مائة الدّرهم» ، وإن كان غير مضاف لم يخل من أن يكون ذا عطف أو لا ، فإن كان ذا عطف عرّف المعطوف (٢) والمعطوف عليه جميعا ، كقولك : الثلاثة والعشرون ، والخمسة والأربعون ، وإن كان غير معطوف ولا مضاف عرّف تعريفا واحدا ، كقولك : الأحد عشر والثلاثة عشر.
وأمّا من قال : «الثلاثة الأثواب» فقد تقدّم ردّه (٣) ، ووجهه أنّ الثلاثة هي المرادة بالذّات المقصودة بالتعريف ، فصحّ تعريفها لذلك ، وجاز إضافتها إلى المعرفة لإفادة غرض آخر ، وهو تبيين هذه الذّات المبهمة ، فصار في الإضافة معنى غير التعريف ، فجاز الجمع بينهما ، وهذا وجه لمن قال : «الثلاثة الأثواب» ، وإن كان قبيحا ، كأنّهم لمّا عرّفوا الأوّل استغنوا عن تعريف في الثاني ، وأضافوه لبيان نوعه.
وقول من قال : «الأحد العشر الدّرهم» (٤) و «الأحد العشر درهما» ، كأنّه لمّا كان أصله العطف أجري مجرى العطف في تعريف الاسمين معا ، وأمّا تعريف الدّرهم فلأنّه هو المقصود بتبيين الذّات ، فكان أحقّ بالتعريف ، وكلّ ذلك خارج عن القياس واستعمال الفصحاء.
فأما المعطوف فلا خلاف في أنّ الاثنين يعرّفان ، لأنّ كلّ واحد منهما اسم (٥) مستقلّ بنفسه ، فلا يلزم من تعريف أحدهما تعريف الآخر ، فوجب عند قصد التعريف أن يعرّفا جميعا ، كقولك : «جاءني الرجل والمرأة» كما أنّه لا بدّ من تعريفهما عند قصد التعريف (٦) ، ولا يستغنى بتعريف أحدهما عن تعريف الآخر ، فكذلك ههنا.
__________________
(١) انظر ما تقدّم ورقة ٩٦ ب من الأصل.
(٢) في ط : «بالمعطوف». تحريف.
(٣) هو قول الكوفيين ، انظر ما تقدم ورقة : ٩٦ ب من الأصل.
(٤) هذا قول الأخفش والكوفيين ، انظر : المقتضب : ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، والأصول في النحو : ٢ / ٣١٢ ، والحلبيات : ٢٣١ ، والإنصاف : ٣١٢ ـ ٣٢٢
(٥) سقط من د : «اسم».
(٦) سقط من د : «التعريف». خطأ.