يماثلها ، فقالوا ما قالوه من أنّ المفتوحة أصلها هيهية كزلزلة ، فقلبت الياء ألفا وبقيت تاؤها تاء التأنيث في مفرد ، فحكمها أن تقلب هاء في الوقف ، مثلها في زلزلة ، وأنّ المكسورة أصلها هيهيات (١) وهي جمع المفتوحة ، فحذفت الياء التي هي لام على غير قياس ، إذ قياسها أن لا تحذف ، كما لا تحذف في جمع مصطفاة ومعلّاة ، إذا قلت : مصطفيات ومعلّيات ، لأنّ الياء تصحّ إذا كان بعدها ألف إمّا كراهة اجتماع الألفين وإمّا خيفة اللّبس ، كما في سرى وسريا (٢) لأنّك لو بقّيتها ألفا لحذفت إحداهما للسّاكنين ، فيبقى مصطفاة ، فيلتبس بالمفرد ، لأنّ لفظه كلفظه ، فتاؤها إذن تاء جمع كتاء مسلمات ، فيوقف عليها بالتاء ، وهذا كلّه تعسّف لا حاجة إليه.
وقوله في فصل «شتّان» :
«لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى |
يزيد سليم والأغرّ بن حاتم (٣) |
فقد أباه الأصمعيّ».
لما يلزم من جعل فاعله المقصود به التفرقة بينهما في المعنى لفظا واحدا لا افتراق فيه في اللّفظ ، كأنّه فهم منهم أنّهم لمّا (٤) قصدوا التفرقة في المعنى قصدوا إلى أن يكون اللّفظ أيضا مفترقا ليتناسب اللّفظ والمعنى ، وكأنّ المجيز لمّا فهم أنّ معنى قولك : «شتّان زيد وعمرو» «شتّان حالا زيد وعمرو» ، فكأنّهم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه ، رأى أنّ إظهاره غير بعيد فجوّزه ، وإن كان لفظه / مفردا ، لأنّ التقدير كذلك ، وأيضا إذا (٥) كان الفاعل [وهو زيد وعمرو](٦) لا يعقل إلّا متعدّدا في المعنى جاز أن يأتي اللّفظ متعدّدا لفظا ومتعدّدا معنى ، كقولك : «كلا الزيدين» (٧)
__________________
(١) انظر الأصل في «هيهات» في الخصائص : ٣ / ٤١ ـ ٤٢ ، والأشموني : ٣ / ١٩٩
(٢) «سرى متاعه يسري : ألقاه عن ظهر دابته ، وسرى عنه الثوب : كشفه». اللسان (سرا).
(٣) البيت لربيعة الرقي ، وهو في شعره : ٩٧ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٤ / ٣٧ ، ٤ / ٦٩ ، والخزانة : ٣ / ٤٥.
وجاء بعد البيت الشاهد في د :
يزيد سليم سالم المال والفتى |
فتى الأزد للأموال غير سالم |
وانظر شعر ربيعة الرقي : ٩٧ ، والخزانة : ٣ / ٤٥.
(٤) سقط من ط : «لما». خطأ.
(٥) سقط من ط : «إذا». خطأ.
(٦) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٧) بعدها في د : «متعدد معنى».