فصل
الكلام على أسماء الأفعال والأصوات التي هي من جملة المبنيّات
قال الشيخ : أمّا أسماء الأفعال فإنّما بنيت لوقوعها موقع ما لا أصل له في الإعراب ، وهو فعل الأمر والماضي ، وقول بعض النحويّين : إنّها تكون للأمر والنّهي راجع إلى الأمر (١) ، لأنّ الذي يقول بهذا القول النّهي عن الشيء عنده أمر بضدّه ، وإلّا فلا يليق به أن يقوله ، لئلّا يتعذّر عليه علّة البناء ، ولمّا تيقّظ صاحب الكتاب لذلك لم يتعرّض لذكر النّهي ، بل قال :
«ضرب لتسمية الأوامر وضرب لتسمية الأخبار».
ثمّ ذكر ما ذكره منها جملة ، ثمّ ذكر لكلّ فصلا مفصّلا (٢) ، واعلم أنّ هذه الأسماء معناها (٣) معنى المصادر المأمور بها في الأمر [كنزال ونحوه](٤) ، والمخبر بها في الخبر كسقيا ورعيا ، إلّا أنّا فهمنا منهم إعراب «سقيا» وبناء «رويد» وشبهه ، وأمكننا أن نحمل كلّ واحد من البابين على قياس لغتهم ، فحكمنا بأنّ سقيا مصدر ل «سقى» مقدّرا غير واقع بدءا (٥) موقعه [وإلّا لكان مبنيّا كنزال](٦) ، وإنّما حذف «سقى» معه لكثرة الاستعمال حتى صار كأنّه عوض عنه ، وقول سيبويه وغيره من النحويّين : إنّ سقيا عوض ، جعلوا سقيا عوضا من اللّفظ بالفعل ، يعني أنّه لازم حذف فعله لكثرة استعماله (٧) ، لا أنّ سقيا / واقع بدءا (٨) موقع «سقى» أو «اسق» ، وحكمنا بأنّ «رويد» وشبهه واقع موقع فعل الأمر ، فيتّضح علّة البناء.
ولو لا بناؤهم لأحد القسمين وإعرابهم للآخر لم يكن للفصل بينهما معنى ، والذي يدلّك
__________________
(١) انظر : شرح المفصل لابن يعيش : ٤ / ٢٩
(٢) سقط من د : «مفصلا»
(٣) سقط من ط : «معناها». خطأ.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) في د : «بديئا» «البدئ والبديء : الأول». اللسان (بدأ).
(٦) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٧) انظر : الكتاب : ١ / ٣١٢ ، ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩ ، والمقتضب : ٣ / ٢٢٦ ، وما تقدم ورقة : ٥٠ ب من الأصل.
(٨) في د : «بديئا».