المثّنى / والمجموع على حسب أحواله من رفع ونصب وخفض (١) ، فيفهم منه الإعراب والحال جميعا ، فإذا قلت : «منان» علم أنّك مستفهم عن مرفوع مثنّى ، وكذلك جميع الأمثلة ، فإن اتّفق أن لا يمكن اجتماع الدّلالتين [دلالته ودلالة الإعراب](٢) رحّج الدّلالة على حال الذّات نفسها على الدّلالة على الإعراب [سواء كان مفردا أو مثنّى أو مجموعا ، مذكّرا كان أو مؤنّثا](٣) ، كما إذا قلت : «ضربت امرأة» ، فتقول في هذه : «منه» ، وليس فيه إلّا ما يدلّ على التأنيث ، كأنّه جعل معرفة الذّات أولى من معرفة الإعراب ، [وإنّما قال : «منه» لأنّه لو قال : «مناة» يلزم توسّط حرف الإعراب ، ولو قال : منتا يلزم توسّط تاء التأنيث أيضا](٤).
واللّغة الأخرى أن لا يعتدّ إلّا بما يدلّ على الإعراب ، فهؤلاء استغنوا بالأحرف الثلاثة عن غيرها ، لأنّ المعنى الذي قصدوه يحصل بها ، فيقولون : منو ومنا ومني في كلّ منكّر مستفهم عنه مذكّر أو مؤنّث أو مثنّى أو مجموع (٥) ، فالواو للمرفوع ، والألف للمنصوب والياء للمخفوض ، كما يقولونه جميعا في الواحد.
«وأمّا المعرفة» فقياسه (٦) أنّه غير محتاج احتياج النكرة على ما تقدّم ، لأنّه في الغالب غير محتاج إلى الاستفهام عنه ، وإنّما جرى في العلم الحكاية عند أهل الحجاز (٧) [كما يقال : جاءني زيد ، فقيل : من زيد](٨) لما تطرّق إليها من الاحتمال لكثرة المسمّيات بالعلم الواحد ، فجرى فيها من الّلبس المقدّر مثل ما يجري في النكرة ، فقصدوا حكايتها ليعرف منها ما قصد بالاستفهام عنه ، ولم يجعل العمل فيها كالعمل في النكرة فرقا بين المعرفة والنكرة (٩) ولم يعكسوا لما ذكرناه من أنّ
__________________
(١) انظر : الكتاب : ٢ / ٤٠٨ ، والمقتضب : ٢ / ٣٠٦.
(٢) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٣) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) قال سيبويه : «وحدّثنا يونس أنّ ناسا من العرب يقولون : منا ومني ومنو ، عنيت واحدا أو اثنين أو جميعا في الوقف». الكتاب : ٢ / ٤١٠
(٦) سقط من د : «فقياسه». خطأ.
(٧) انظر الكتاب : ٢ / ٤١٣
(٨) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٩) جاء بعدها في د : «كما يقال : جاءني زيد قلت : من زيد حكيت لفظ زيد من أن تأتي بالحرف ، ولم يعكسوا». ولعلّ العبارة «بدلا من أن ...». ق : ٨٩ ب.