أحدهما : أن يكون المصدر نفسه بمعنى اسم الفاعل أو المفعول ، وهو الصحيح (١).
والآخر : أن يكون باقيا على بابه ، ويكون ثمّة مضاف محذوف تقديره : ذو عدل (٢) ، وهو ضعيف من / وجهين :
أحدهما : أنّه يلزمه أن يوصف بجميع المصادر على هذا النّحو.
والآخر : يلزم منه حذف مضاف على ما ذكرناه.
قوله : «ويوصف بالجمل التي يدخلها الصّدق والكذب».
وإنّما كان كذلك من جهة أنّ الصّفات كلّها قبل العلم بها أخبار في الحقيقة ، فإذا علمت سمّيت صفات ، وكما أنّ الخبر لا يكون إلّا محتملا للصّدق والكذب ، فكذلك الصفة.
ثمّ قال : «ولا يوصف بالجمل إلّا النّكرات».
وإنّما كانت الجمل نكرات لأنّها تقدّر باعتبار الحكم ، والحكم في المعنى نكرة ، فكان الاسم الذي يسبك منها نكرة ، وتقديره أنّك تقول في الفعليّة : «مررت برجل قام أبوه» ، فتقدّره بقائم أبوه ، فتأخذ الاسم من الحكم لا من المحكوم عليه ، [وهو الرجل](٣) ، ولو كانت اسميّة كقولك : «مررت برجل أبوه قائم» لكان تقديره : مررت برجل قائم أبوه ، فتسبكه من الحكم الذي هو الثاني.
فإن قيل : فقد يكون بعض الأحكام معارف في قولك : «زيد القائم» ، فالجواب : ليس زيد في «زيد القائم» مخبرا عنه بالقيام ، بل لا بدّ أن يكون القيام معلوما نسبته إلى صاحبه عند مخاطبه ، ولو كان الحكم بالقيام (٤) لوجب أن يكون مجهولا ، وإنّما الخبر في المعنى الحكم بأنّ هذه الذّات هي هذه الذّات ، وإذا كان كذلك صار «زيد» محكوما عليه ، والذي يدلّ على ذلك «مررت برجل أخوه القائم» ، فإذا قيل : اسبك منها قلت : برجل محكوم عليه بأنّ أخاه
__________________
(١) هذا مذهب الكوفيين ، انظر ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٨٧ ـ ٥٨٨ ، والأشموني : ٣ / ٦٤.
(٢) هذه إشارة إلى قول الزمخشري : «كقولهم : رجل عدل» ، المفصل : ١١٥ ، وممّن ذهب إلى التأويل الذي ذكره ابن الحاجب الزجاج ، انظر : تعليق السيرافي على كتاب سيبويه : ١ / ٣٣٧ ، وأمالي ابن الشجري : ١ / ٧٠ ـ ٧١ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ٣٠٦.
(٣) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٤) في د : «بالقائم».