وإذا أضيفت إلى ياء المتكلّم على اللّغة الأولى حذفت أواخرها على ما فعلته في الإفراد ، فتقول : هذا أخي أبي (١) فمي ، إلّا أنّ في الفم لغتين ، إحداهما : فمي ، وهي أضعفهما ، والأخرى : فيّ ، وهي أقواهما ، أمّا من قال : فمي فوجهه أنّه قد ثبت إجراء هذه الكلمة مع ياء المتكلّم مجراها في الإفراد ، وهذه في الإفراد فم ، فيجب أن يقال : فمي ، كما قيل في قولك : أخ : أخي.
ووجه من قال : فيّ في الأحوال الثلاثة أنّ العلّة التي قلبناها ميما مفقودة هنا ، وهو أداء الكلمة إلى الاختلال ، وذلك / لا يلزم عند الإضافة لإمكان الإدغام ، فكان القياس أن تتحرّك هذه الواو بالكسر ، لأنّها بمثابة الخاء في أخ ، ولكنّه لمّا (٢) كان تحريكها يؤدّي إلى قلبها ألفا وهي أجنبيّة عن الكسرة قلبوها حرفا من جنس الكسرة ، وهو (٣) الياء ، ثمّ كسروا ما قبلها لتحصل صورة الكسر التي تعذّرت على الواو ، ولتسلم الياء ، أو نقول : كان القياس أن يتحرّك ما قبل الياء بالكسر ، فلمّا تعذّر حرّك ما قبل الواو ، وهي الفاء ، فانقلبت الواو ياء ، ثمّ أدغمت في الياء في الأحوال الثلاثة.
وأمّا علّة التزامهم أبي وأخي في الأحوال الثلاث على الصّحيح خلافا للمبرّد [فإنّه يقول : أبيّ](٤) فإنّهم كرهوا أن يبقوا حروف الإعراب ، فيؤدّي إلى الإعلال ، وإعرابه بالحروف فرع غير أصل ، فلم تلزم المحافظة عليه كالأصول ، فردّ إلى صورته إذا أعرب بالحركات فقيل : أبي وأخي ، وقال المبرّد : يجوز أن تقول : أبيّ وأخيّ في الأحوال الثّلاث ، ولو صحّ له النّقل لكان له وجه ، ولكن ما استدلّ به ضعيف لاحتمال أن يكون جمعا ، وما يستدلّ به ويجعل أصلا فإنّما يدلّ إذا كان غير محتمل لغير ذلك ، فأمّا إذا احتمل أن يكون جاريا على القواعد المستقرّة احتمل المخالفة ، فإجراؤه على القواعد أولى ، وهو معنى قوله (٥) : «وصحّة محمله على الجميع في قوله (٦) :
__________________
(١) في د. ط : «إلى».
(٢) سقط من ط : «لمّا» ، خطأ.
(٣) في الأصل. ط : «وهي» ، وما أثبت عن د. وهو أحسن.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د ، وانظر : أمالي ابن الشجري : ٢ / ٣٧ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٣ / ٢٨٤ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ٢٩٦.
(٥) أي : الزمخشري ، المفصل : ١١٠.
(٦) البيت بتمامه :
«فلمّا تبيّنّ أصواتنا |
بكين وفدّيننا بالأبينا» |
نسبه ابن السيرافي في شرح أبيات سيبويه : ٢ / ٢٨٤ إلى زياد بن واصل ، وكذا نقل عنه البغدادي في الخزانة : ٢ / ٢٧٥ ، وورد بلا نسبة في الكتاب : ٣ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، والمقتضب : ٢ / ١٧٤ والخصائص : ١ / ٣٤٦ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٣٧ ، والمخصص : ١٣ / ١٧١.