ممّا لا يسوغ تقديمه (١) لو لم يكن كذلك ـ غرضا في التنبيه بالتقديم على أنّه المفضّل ، وكذلك إذا فضّلوا ذاتين باعتبار حالين (٢) ، وكذلك إذا شبّهوا باعتبار حالين ، فيقولون : «زيد قائما أحسن منه قاعدا» ، و «زيد قائما كعمرو قاعدا» ، وإذا جاز / تقديم هذا المعمول على الكاف التي هي أبعد في العمل من باب «أحسن» فتقديم معمول «أحسن» أجوز ، وأيضا فإنّه يجوز تقديم الظرف.
وقوله : «جاء البرّ قفيزين وصاعين».
ذكره في الأحوال ، والأولى أن يكون ذلك من قبيل الأخبار ، والذي يدلّ عليه أنّ الحال فضلة ، و «قفيزين» ههنا ليس على معنى الفضلة ، وإنّما هو على معنى الصّيرورة ، تقول : «كلت البرّ فجاء قفيزين» (٣) ، ويمكن أن يقال (٤) : نسبة المجيء إلى البرّ على معنى حصوله في نفسه ، ثم أثبت (٥) له حالا من القفيزين والصّاعين وأشباههما ، كأنّه قال : حصل البرّ على هذه الحال ، ولا يريد الإخبار عنه بذلك ، والأوّل هو الظّاهر.
وقوله : «كلّمته فاه إلى فيّ ، وبايعته يدا بيد».
من أشكل مسائل النحو ، لأنّ الأصل «كلّمته فوه إلى فيّ» و «بايعته يد بيد» ، بدليل أنّ الجمل تستعمل استعمال المفردات ، ولا يعكس ، وأيضا فإنّ الهيئات غير الجمل لا تكون إلّا مفردة ، كقولك : ضارب ، وشبهه ، سوى ما كرّر للتفصيل ، نحو : «بابا بابا» (٦) ، و «فاه إلى فيّ» ، لم تفهم الهيئة إلّا من جميعه ، فدلّ على أنّه ليس من قبيل المفردات في الأصل ، والوجه الذي به انتصب «فاه» هو أنّه كثر استعماله حتى صار معنى المشافهة يفهم من غير نظر إلى تفصيل (٧) ، بل صار «فوه إلى فيّ» بمعنى «مشافها» ، حتى يفهم ذلك من لا يخطر بباله فو المكلّم ولا فو المتكلّم (٨) ، ولا
__________________
(١) سقط من ط : «تقديمه» ، وهو خطأ.
(٢) سقط من ط : «حالين» ، وهو خطأ.
(٣) ذهب ابن الحاجب إلى أن الأولى في «جاء» أن تكون فعلا ناقصا ، انظر شرح الكافية للرضي : ١ / ٢١١ ، ٢ / ٢٩٢.
(٤) في د : «يراد».
(٥) في د : «تثبت».
(٦) في د : «مثل بينت الكتاب بابا بابا».
(٧) انظر المقتضب : ٣ / ٢٣٦ وأمالي ابن الشجري : ١ / ١٥٤.
(٨) في ط : «فا المتكلم ولا فاه المتكلم» ، تحريف.