وقيل : منصوب بفعل مقدّر ، أي : سألت الله عمرك (١) ، أي : بقاءك ، وفتحت العين في القسم تخفيفا ، والفرق بينه وبين قول سيبويه وإن كانا (٢) بمعنى «سألت الله بقاءك» أنّ (٣) «عمرك» على مذهب سيبويه بمعنى «عمّرتك» الملتزم (٤) حذفه ، وهو النّاصب له ، واسم الله تعالى المفعول الثاني ، وعلى الآخر «عمرك» واسم الله مفعولان لسألت المقدّر (٥) ، وأجاز (٦) الأخفش «عمرك الله» برفع اسم الله ، أي : أسأل بأن يعمّرك الله ، فيرتفع (٧) بعمرك حيث كان المعنى كذلك (٨).
و «قعدك الله» عند سيبويه مثل «عمرك الله» (٩) ، يجعله منصوبا بمعنى فعل مقدّر معناه : سألته أن يكون حفيظك ، وإن لم يتكلّم به ، كأنّه قيل : حفّظتك الله من قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)(١٠) ، أي : حافظ ، ووضح / ذلك في «عمرك الله» لاستعمال فعله.
وإذا تحقّق أنّ معنى «قعدك الله» معنى الفعل المقدّر المذكور وضح أيضا ، ويقال أيضا : «قعيدك الله» بمعناه ، وفيه أيضا معنى السؤال ، كعمرك الله (١١) ، قال (١٢) :
__________________
(١) انظر المقتضب : ٢ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، والمخصص : ١٧ / ١٦٤ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١٢٠.
(٢) في ط : «كان» ، تحريف.
(٣) في د : «أي» ، تحريف.
(٤) في د : «المستلزم».
(٥) من قوله : «فعمرك عند سيبويه ..» إلى «المقدر» نقله البغدادي في الخزانة : ١ / ٢٣١ دون عزو.
(٦) في د : «واختيار».
(٧) في ط : «ليرتفع» ، تحريف.
(٨) حكى ابن الشجري أن المازني أجاز الرفع وأنّ أبا الحسن الخفش ذكر هذا الوجه في كتابه الذي سماه «الأوسط» ، فقال : «أصله أسألك بتعميرك الله ، أي : بأن يعمرك الله ، وحذفت زوائد المصدر ، وحذف الفعل الذي هو أسألك وحذف الجار فانتصب المجرور» ، أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، وانظر شرح الكافية للرضي : ١ / ١١٩.
(٩) انظر الكتاب : ١ / ٣٢٣.
(١٠) ق : ٥٠ / ١٧.
(١١) من قوله : «وقعدك الله عند سيبويه» إلى «كعمرك الله» نقله البغدادي في الخزانة : ١ / ٢٣٤ عن كتاب الإيضاح لابن الحاجب.
(١٢) هو متمّم بن نويرة ، والبيت في المفضليات : ٢٦٩ ، والكامل للمبرد : ١ / ٨٧ ، والخزانة : ١ / ٢٣٤ ، ٤ / ٢١٤ ، وورد بلا نسبة في المقتضب : ٢ / ٣٣٠ ، نكأت القرحة : إذا قشرتها ، وقلبت الواو في «يوجع» ياء فصار ييجع على لغة بني تميم ، الخزانة : ١ / ٢٣٥.