يكون بغير جدّ ، فإذا قال جدّا فقد ذكر أحد المحتملين ، ثمّ أدخلوا همزة
الاستفهام إيذانا بأنّ الأمر ينبغي أن يكون كذلك على سبيل التقرير ، فقدّم المصدر
من أجل همزة الاستفهام ، فصار «أجدّك لا تفعل كذا» ، ثمّ لمّا كان معناه تقرير أن يكون الأمر على وفق ما أخبر صار في معنى تأكيد كلام
المتكلّم ، فيتكلّم به من يقصد إلى التأكيد ، وإن كان ما تقدّم هو الأصل الجاري
على قياس لغتهم.
ويجوز أن يكون
معنى «أجدّك» في مثله أتفعله جدّا منك؟ على سبيل الإنكار لفعله جدّا ، ثمّ نهاه
عنه ، أو أخبر عنه بأنّه لا يفعله ، فيكون «أجدّك» توكيدا لجملة مقدّرة دلّ سياق الكلام
عليها ، وممّا يدلّ على أنّهم يقولون : «أفعله جدّا» قول أبي طالب :
إذن
لاتّبعناه على كلّ حالة
|
|
من الدّهر
جدّا غير قول التّهازل /
|
ومن التوكيد
لغيره «فعله ألبتّة».
ثمّ مثّل في
النوع الثاني بقولهم : «له عليّ ألف درهم عرفا» ، أي : اعترافا ، ومعلوم أنّ من قال
: «له عليّ ألف درهم» فقد اعترف ، ولا يحتمل غيره ، فإذا قال : اعترافا فقد ذكر ما
دلّ عليه الأوّل ، وتعيّن له ، وكان توكيدا لنفسه على ما تقدّم تفسيره ، ومنه قول الأحوص :
إنّي لأمنحك
الصّدود وإنّني
|
|
قسما إليك مع
الصّدود لأميل
|
__________________