معلوما لكثرة ذلك النوع من الكلام ، فيستغنى عن التصريح به كما مثّل. (١)
قوله : «ويجوز تقديم الخبر على المبتدأ ، كقولك : تميميّ أنا ، ومشنوء من يشنؤك وشبهه» (٢).
قال الشيخ : إنّما حسن تقديم الخبر على المبتدأ لأنّ المتكلّم إذا قال : «زيد» (٣) تعلّق (٤) بنفس السّامع احتمالات شتّى من أنّه قائم أو قاعد إلى ما لا يحصى كثرة ، فإذا قدّم الخبر ارتفع هذا الإشكال.
وقول الكوفيين : لا يجوز تقديم الخبر في غير ما أوجبه استفهام ونحوه مردود بقولهم : «تميميّ أنا» و «مشنوء من يشنؤك» (٥) و (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ)(٦) ، ومثّل (٧) بقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٨) في تقديم الخبر ، وقال (٩) : المعنى : سواء عليهم الإنذار وعدمه» ، وإنّما ينهض مثالا لما ذكره إذا جعل «سواء» خبر مبتدأ مقدّما (١٠) ، وأمّا إذا جعل «سواء» خبر «إنّ» و «أانذرتهم أم لم تنذرهم» فاعلا (١١) لها خرج من (١٢) هذا الباب ، وهو قول كثير من
__________________
(١) أي : الزمخشري ، قال : «وذلك مثل قولهم : البرّ الكرّ بستين ، والسمن منوان بدرهم». المفصل : ٢٤.
(٢) بعدها في د : «قوله : إنما حسن تقديم الخبر على المبتدأ ، إلخ .. أقول : إنما».
(٣) في ط : «زيد قام» ، زيادة مقحمة.
(٤) في د : «قام».
(٥) انظر الكتاب : ٢ / ١٢٧ والمقتضب : ٤ / ١٢٧ والإنصاف : ٦٥ ـ ٧٠.
(٦) الجاثية : ٤٥ / ٢١ والآية : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) قرأ حفص وحمزة والكسائي بنصب سواء ، وقرأ الباقون بالرفع ، وانظر الكشف عن وجوه القراءات السبع : ٢ / ٢٦٨ ، والتيسير : ١٩٨ ، والنشر : ٢ / ٣٥٦ والإتحاف : ٣٩٠ ومرّ محقق النسخة المطبوعة على الآية ولم يشر إلى أنها آية قرآنية.
(٧) أي : الزمخشري ، انظر المفصل : ٢٥.
(٨) البقرة : ٢ / ٦ والآية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦).
(٩) سقط من د : «قال».
(١٠) في ط : «مقدم» والصواب النصب : قال أبو علي : «فإن قلت : لم زعمتم أن سواء يرتفع بالابتداء على ما عليه التلاوة وأنت إذا قدرت هذا الكلام على ما عليه المعنى فقلت : سواء عليهم الإنذار وتركه كان سواء خبر ابتداء مقدما» الحجة للقراء السبعة : ١ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
(١١) في ط : «فاعل» ، والصواب النصب.
(١٢) في د. ط : «عن».