فصل : «وقد يجيء الفاعل ورافعه مضمر».
إنّما ذكر الفعل لتعلّق الفاعل به ، إذ لم تعقل حقيقة الفاعل (١) إلا بذكره ، فلمّا فرغ من ذكر المقصود ذكر حكم ما يتوقّف عليه ، وهو الفعل ، ولم يذكر وقوعه ظاهرا للعلم به ، وإن كان ذلك مفهوما من قوله : «وقد يجيء».
وحذف الفعل على ضربين : واجب وجائز.
فالواجب أن تقوم (٢) قرينة تدلّ على خصوصيّة الفعل ، ويكون معه ما يمتنع مجامعته للفعل ، والجائز فيما عدا ذلك ، وهو يعني بالإضمار في الأفعال الحذف ، أي يأتي الفاعل ورافعه محذوف بخلاف الإضمار في الأسماء (٣) ، ثمّ ذكر من الجائز قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ)(٤) ، و (٥) :
__________________
(١) في الأصل. ط : «لم تعقل حقيقته إلا ..» وما أثبت عن د.
(٢) في د : «تكون».
(٣) فسر ابن الحاجب الإضمار هنا بالحذف ، وميّز الإضمار في الأسماء من الإضمار في الأفعال ، وأطلق لفظ الإضمار في الحرف وأراد به الحذف ، انظر ما سيأتي ورقة : ٩٥ ب ، وهو في ذلك تابع لسيبويه ، في استعمال الإضمار بمعنى الحذف ، انظر الكتاب : ١ / ٥٧ ، ٢ / ٣٧٥.
(٤) النور : ٢٤ / ٣٦ ـ ٣٧ ، قرأ ابن عامر وعاصم بفتح الباء في «يسبح» وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي بكسر الباء ، انظر كتاب السبعة في القراءات : ٤٥٦ والحجة في القراءات السبع : ٢٣٨ والكشف عن وجوه القراءات السبع : ٢ / ١٣٩ ، والبحر المحيط : ٦ / ٤٥٨ ، والنشر : ٢ / ٣١٨.
(٥) سيأتي البيت تاما بعد قليل ، ونسب في الكتاب : ١ / ٢٨٨ إلى الحارث بن نهيك ، وذكر أيضا في الكتاب : ١ / ٣٦٦ ، ١ / ٣٩٨ بلا نسبة ، ونسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٤٩ إلى نهشل بن حرّي ونسبه ابن يعيش في شرح المفصل : ١ / ٨٠ إلى ابن نهيك النهشلي ، ونسبه العيني في المقاصد : ٢ / ٤٥٤ والبغدادي في الخزانة : ١ / ١٤٧ ـ ١٥٢ إلى نهشل بن حرّي ، وحكيا الاختلاف في نسبته إلى لبيد ومزرّد أخي الشماخ والحارث بن ضرار النهشلي وضرار النهشلي والحارث بن نهيك ، وورد البيت في شرح ديوان لبيد : ٣٦٢.
وجاء بلا نسبة في المقتضب : ٣ / ٢٨٢ والخصائص : ٢ / ٣٥٣ ، وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف : ٢٠٨ وأمالي ابن الحاجب : ٤٤٧ ، ٧٨٩.
ونهشل بن حرّي شاعر مخضرم بقي إلى أيام معاوية ، وكان مع علي وقتل أخوه مالك في صفين ورثاه بقصيدة منها هذا البيت ، الخزانة : ١ / ١٥٠.