وبعد أن لاحظنا متون الأخبار ومداليلها ، ووجدنا التعارض والتكاذب فيما بينها ، بحيث لا طريق صحيح للجمع بينها بعد كون القضية واحدة ... واستخلصنا أن صلاة أبي بكر في مرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تكن بأمر منه قطعاً ... فلنرجع إلى مولانا أميرالمؤمنين عليهالسلام لنرى رأيه في أصل القضية فيكون شاهداً على ما استنتجناه ، ولنرى أيضاً أن صلاة أبي بكر بأمر من كانت؟؟
لقد حكى ابن أبي الحديد المعتزلي عن شيخه أبي يعقوب بن إسماعيل اللمعاني حول ما كان بين أمير المؤمنين وعائشة ، جاء فيه :
« فلما ثقل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه ، أنفذ جيش أسامة وجعل فيه أبابكر وغيره من أعلام المهاجرين والأنصار ، فكان علي عليهالسلام حينئذ بوصوله إلى الأمر ـ إن حدث برسول الله حدث ـ أوثق ، وتغلب على ظنه أن المدينة ـ لو مات ـ لخلت من منازع ينازعه الأمر بالكلية ، فياخذه صفواً عفواً ، وتتم له البيعة فلا يتهيّا فسخها لورام ضدّ منازعته عليها. فكان من عود أبي بكر من جيش أسامة بإرسالها إليه وإعلامه بان رسول الله يموت ما كان ، ومن حديث الصلاة بالناس ما عرف.
فنسب عليّ عليهالسلام إلى عائشة أنها أمرت بلالاً ـ مولى أبيها ـ أن يامره فليصل بالناس ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما روي قال : « ليصلّ بهم أحدهم » ولم يعين ، وكانت صلاة الصبح ، فخرج رسول الله وهو في آخر رمق يتهادى بين علي والفضل بن العباس ، حتى قام في المحراب ـ كما ورد في الخبر ـ ثم دخل ، فمات ارتفاع الضحى ، فجعل يوم صلاته حجة في صرف الأمر إليه ، وقال : أيكم يطيب نفساً أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله في الصلاة؟! ولم يحملوا خروج رسول الله إلى الصلاة لصرفه عنها ، بل لمحافظته على الصلاة مهما أمكن.