إنه بلغه صلىاللهعليهوسلم أن اليهود تقول : ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ، وقيل : رأى النبي صلىاللهعليهوسلم أن الصلاة إلى الكعبة أدعى لقومه إلى الإسلام ، وذكر ذلك لجبريل ، ثم سأل الله تعالى وجعل يردد نظره إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله ، فأنزل الله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ)(١) الآية ، قال مجاهد : نزلت هذه الآية ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في مسجد بني سلمة قد صلى ركعتين من الظهر ، فتحول في الصلاة واستقبل الميزاب وجعل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال (٢).
قال الأجدابي : قول عمر رضياللهعنه «ما بين المشرق والمغرب قبلة» إذا توجه نحو البيت ، ليس معناه أن ذلك في جميع آفاق الأرضين ، وإنما يصح استعماله في نواحي المدينة الشريفة وسائر الأفق المغرّب عن مكة المائل عن خطها إلى جهة الشمال ، لأن القبلة في هذا الأفق فيما بين مشرق الاستواء ومغرب الشمس الأسفل.
وقد يصح أن يستعمل قول عمر رضياللهعنه في غير هذا الأفق من الأرض ، وقد يكون التوجه والتحديد مختلفا ، وذلك أن الأفق الشرقي المائل عن خط مكة إلى جهة الشمال الذي فيه أرض العراق قبلته ما بين المشرق الأسفل ومغرب الاستواء والأفق الشرقي المائل عن خط مكة إلى جهة [من جهة](٣) الجنوب قبلته ما بين مشرق الشمس ومغربها الأعليين.
__________________
(١) سورة البقرة آية (١٤٤).
(٢) الأثر الوارد من أول ما نسخ من أمور الشرع وما يتعلق به ورد عند السمهودي في وفاء الوفا ص ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، وعند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ١٦٥ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٨٦).
(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).