فأتاه جبريل عليهالسلام فقال : يا رسول الله ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة ، ثم قال بيده : هكذا فأماط كل جبل بينه وبين الكعبة ، فوضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم القبلة وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظره شيء ، فلما فرغ ، قال جبريل : هكذا فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها ، وصارت قبلته إلى الميزاب من البيت ، فهي المقطوع بصحتها (١).
وعي أبي هريرة رضياللهعنه قال : كانت قبلة النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الشام ، وكان مصلاه الذي يصلي فيه بالناس إلى الشام من مسجده ، أن تضع الإسطوانة المخلّقة اليوم خلف ظهرك [ثم تمشي مستقبل الشام وهي خلف ظهرك](٢) حتى إذا كنت محاذيا لباب عثمان ، المعروف اليوم بباب جبريل عليهالسلام ، والباب على منكبك الأيمن وأنت في صحن المسجد ، كانت قبلته في ذلك الموضع وأنت واقف في مصلاه صلىاللهعليهوسلم (٣). وسيأتي ذكر الإسطوانة في محله (٤).
يروى أن أول ما نسخ من أمور الشرع ، أمر القبلة ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة ، فلما قدموا المدينة أمروا / أن يصلوا إلى بيت المقدس ، ليكون أقرب إلى تصديق اليهود ، وكانت الأنصار قد صلت إلى بيت المقدس سنين قبل قدومه صلىاللهعليهوسلم ، ثم أن النبي صلىاللهعليهوسلم تشوق إلى الصلاة إلى الكعبة لأسباب : أحدها أنها قبلة أبيه إبراهيم عليهالسلام ، وقيل :
__________________
(١) من أول الفصل كذا ورد عند ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٥٦ ، والمطري في التعريف ص ٣٢ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٨٥).
(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٣) حديث أبي هريرة : أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٥٦ ، والمطري في التعريف ص ٣٣ ، والسمهودي في وفاء الوفا ص ٣٦٧.
(٤) وذلك في الفصل السابع عشر من هذا الباب ـ السادس.