«ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم»؟ قالوا : بلى.
قال : فذلك إلى سعد بن معاذ ، وكان / سعد في خيمته (١) ـ قبة في صحن المسجد النبوي الشريف بالمدينة ـ يداوى جرحه ، وكان حارثة بن كلدة (٢) هو الذي يداويه ـ وكان طبيب العرب وهو مولى أبي بكرة نفيع بن مسروح ـ فأتت الأوس بسعد بن معاذ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : أحكم في بني قريظة فقال : إني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» (٣).
أي من فوق سبع سموات.
وكانوا الذين نزلوا على حكمه صلىاللهعليهوسلم أربعمائة ، واستنزلوا بني قريظة من حصونهم ، فحبسوا بالمدينة في دار امرأة من بني النجار (٤) ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سوق المدينة ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم ، فجيء بهم ، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، وكانوا سبعمائة (٥) وفيهم حيي بن أخطب الذي حرضهم على نقض العهد ، فقتل منهم صلىاللهعليهوسلم كل من أنبت واستحيى من لم ينبت (٦).
__________________
(١) كان الرسول صلىاللهعليهوسلم ، قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة ، كانت تداوي الجرحى.
انظر : الواقدي : المغازي ٢ / ٥١٠ ، ابن هشام : السيرة ٢ / ٢٣٩ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ٥٨٦.
(٢) الحارث بن كلدة الثقفي ، طبيب العرب ، وهو مولى أبي بكرة من فوق ، مات أول الإسلام ولم يصح إسلامه.
انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٢٨٣ ، ابن حجر : الاصابة ١ / ٥٩٤.
(٣) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٥٤ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٧٦).
(٤) حبسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، في دار زينب بن الحارث ، امرأة من بني النجار.
انظر : ابن هشام : السيرة ٢ / ٢٤٠ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ٥٨٨.
(٥) كانوا ستمائة أو سبعمائة ، والمكثر يقول : كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة.
انظر : الواقدي : المغازي ٢ / ٥١٨ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ٥٨٨.
(٦) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٥٤ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٧٧ ـ ٧٨).