من الدائرة التي وضعه السلطان فيها (١).
وهكذا سعى السلطان بيبرس لإستخدام الخلافة في توطيد ملكه ، وإحكام سيطرته على الحجاز والبحر الأحمر ، كما فرض بيبرس لنفسه وخلفائه مقاما ساميا على ملوك العالم الإسلامي ، إذ أنكر عليهم حق التلقب بلقب «سلطان» ، لأن المماليك وحدهم أصحاب هذا الحق باعتبارهم حماة الخلافة المتمتعين ببيعتها (٢).
وكما استفاد السلطان بيبرس من الخلافة ، تمتعت القاهرة ـ بسببها أيضا ـ بشهرة دينية وعلمية واسعة ، فضلا عن شهرتها التجارية ، كما عظم أمرها حين أضحت مركز الخلافة ، ومسكن العلماء والفضلاء ، إذ علا فيها قدر السنة وعفت منها البدعة (٣).
وبعد وفاة الخليفة الحاكم بأمر الله في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة ، تولى الخلافة من بعده ابنه سليمان بن أحمد المستكفي بالله ، أبو الربيع (٧٠١ ـ ٧٣٦ ه) وظل في الخلافة ، حتى اعتقله السلطان الناصر محمد ابن قلاوون في ذي الحجة سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، ومنعه من الاجتماع بالناس ، وبقي معتقلا في قوص ـ إحدى مدن صعيد مصر ـ إلى أن مات في شعبان سنة أربعين وسبعمائة (٤).
وقبل وفاة المستكفي بالله في قوص ، عهد إلى ابنه أحمد بن المستكفي ،
__________________
(١) انظر : النويري : نهاية الأرب ٢٨ / ١٢٩ ، المقريزي : السلوك ١ / ٥٥٤ ، السيوطي : حسن المحاضرة ٢ / ٤٨.
(٢) انظر : ابن شاهين الظاهري : زبدة كشف الممالك ص ٩٨.
(٣) انظر : السيوطي : حسن المحاضرة ٢ / ٦٦ ، ابن إياس : بدائع الزهور جزء ١ ق ١ ص ٣٢١.
(٤) انظر : ابن كثير : البداية والنهاية ١٣ / ٢٥٠ ، الذهبي : العبر ٣ / ٣٠١ ، ٤ / ٤ ، السيوطي : تاريخ الخلفاء ص ٤٧٨ ـ ٤٨٣ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٦ / ١٢٦.