النزول إلى قعرها (١).
ولما هلك عاد ملك بعده شداد ابنه (٢) ، وأمر ببناء «إرم ذات العماد» (٣) فوضعوا أساسها من الجزع (٤) ، وأقاموا في عمارتها ثلثمائة سنة ، ثم تجهزوا للنقلة إليها في عشرين سنة ، وكان عمر شداد حينئذ سبعمائة سنة ، فلما سار وبلغ منها مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فأهلكتهم (٥) ، فملك بعده مرثد بن شداد ، وكان قد خلفه على ملكه وبنى له مغارة استودعه فيها.
حكى المفسرون أن شخصا يقال له بسطام وجد قبر شداد في جبل من جبال حضرموت مطل على البحر ، في المكان الذي يركب منه أهل حضرموت ، في مغارة ينزل إليه بدرج ، عرض الدرجة عشرون ذراعا في سمك عشرة أذرع ، وهي مقدار مائة درجة ، وسمك المغارة خمسون ذراعا ، ثم مشوا هونا في طريق أملس قبل الدرج ، ثم أفضوا إلى أزج طوله مائة ذراع في عرض أربعين وسمكه نحو مائة ذراع ، وفيه سرير من ذهب مرصع ، والسرير بطول الأزج ،
__________________
(١) كذا ورد عند الجوهري في الصحاح ١ / ٣٣٠ ، ٤ / ١٣٤٦ ، ٥ / ٢٠٧٨ ، ٢١١٦ ، ياقوت في معجم البلدان ١ / ٤٠٥ ، ٢ / ٢٧٠.
(٢) انظر : المسعودي : مروج الذهب ١ / ٣٥٩ ، ابن كثير : البداية ١ / ١١٣.
(٣) إرم ذات العماد : هي إرم عاد ، وهي (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) الفجر آية ٨ ، باليمن بين صنعاء وحضرموت من بناء شداد بن عاد. وعن قصة بناء المدينة وسببه وكيفية بنائها ووصفها وقصورها وسورها ، وكيف أن هودا عليهالسلام دعي شدادا إلى الله فكفر به ، فأخذتهم الصيحة ومات جميع من في المدينة وساخت في الأرض.
انظر : ياقوت : معجم البلدان ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، ابن كثير : البداية ١ / ١١٣.
(٤) الجزع : بفتح الجيم وكسرها ، ضرب من الخرز ، وهو الذي فيه بياض وسواد.
انظر : ابن منظور : اللسان مادة «جزع».
وعن الوصف الدقيق لكيفية بناء المدينة والأحجار الكريمة التي بنيت فيها ، انظر : ياقوت : معجم البلدان ١ / ١٥٥.
(٥) بعث الله تعالى عليه الريح العقيم ، أي التي لا خير فيها. وراجع تفصيلات اهلاكهم في : تاريخ الطبري ١ / ٢٢٥ ، المنتظم ١ / ٢٥٤ ، البداية ١ / ١١٨.