الفصل السادس
ما جاء في ذم من رغب عنها
خرّج مسلم في صحيحه (١) ، من حديث أبي هريرة ـ رضياللهعنه ـ عن النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «يأتي على الناس زمان يدعو الرجل لابن عمه أو قريبه هلم إلى الرخاء ، هلم إلى الرخاء ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه ، ألا إن المدينة كالكير (٢) تخرج الخبيث ، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد».
وعن أبي هريرة ـ أيضا رضياللهعنه ـ قال : قال رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، : «أمرت بقرية تأكل القرى ، يقولون : يثرب ، وهي المدينة ، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» (٣).
وعن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال : يا مزاحم (٤) أتخشى أن نكون ممن نفت المدينة (٥).
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج باب المدينة تنفي شرارها عن أبي هريرة برقم (٤٨٧) ٢ / ١٠٠٥ ، وابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٣٤.
(٢) الكير : بكسر الكاف ، زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيها الحداد. انظر : ابن منظور : اللسان مادة «كير».
(٣) أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة باب فضل المدينة عن أبي هريرة برقم (١٨٧١) ٢ / ٢٧٠ ، ومسلم في كتاب الحج باب المدينة تنفي خبثها عن أبي هريرة برقم (٤٨٨) ٢ / ١٠٠٦ ، ومالك في الموطأ ٢ / ٧٨٧ عن أبي هريرة ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٣٧ عن أبي هريرة ، وقال السمهودي في وفاء الوفا ص ٣٨ «قال ابن عبد المنذر : يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها ، فمعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكون عدما».
(٤) مزاحم بن أبي مزاحم المكي ، مولى عمر بن عبد العزيز ، كان محدثا ثقة. انظر : ابن حجر :التهذيب ١٠ / ١٠١.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ٢ / ٨٨٩ بلاغا.