قلت : والخاصية في ذلك من قوله تعالى (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا)(١).
ورأيت بهذا الجبل حيوانا يسمى «الحلقوم» له ألف كراع ، في مائتي رجل ، ورأيته بأرض الطائف ونخلة (٢) وبالقدس من أرض فلسطين ، وأنشدت بالجبل حين غروب الشمس لمعنى رأيته في سنة أربع وخمسين وسبعمائة (٣) ، وأنا ناظر إلى البحر منه :
واصفر لون محيا الشمس إذ شهدت |
|
من قدرة الله في الأكوان كم عجب |
وامتد بالشط من أنوار بهجتها |
|
والنور جسر يحاكي صفرة الذهب |
قالت عائشة ، رضياللهعنها : فكمنا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر (٤) ، وهو غلام شاب لقن (٥) ، فيدلج (٦) من عندهما بسحر ، ويصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكتادان (٧) به إلا وعاه حتى
__________________
(١) سورة التوبة آية (٤٠).
(٢) نخلة : واد من الحجاز بينه وبين مكة مسيرة ليلتين. انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٢٧٧.
(٣) في الأصل «وأربعمائة» والصواب ما أثبتناه ، لأن المؤلف كان يعيش في القرن الثامن الهجري.
(٤) عبد الله بن أبي بكر الصديق التيمي ، شهد الطائف فرمي بسهم فدمل جرحه ، ثم انتفض عليه فمات عام (١١ ه). انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ٣ / ٨٧٤ ، ابن الأثير : أسد الغاية ٣ / ٢٩٩.
(٥) لقن : أي حسن الفهم لما يلقن. انظر : ابن منظور : اللسان مادة «لقن».
(٦) فيدلج : أي يعود من غار ثور بالسحر ، فالإدلاج السير بآخر الليل. انظر : ابن منظور : اللسان مادة «دلج» ، ابن حجر : فتح الباري ٧ / ٢٣٧.
(٧) يكتادان به : أي يطلب لهما فيه المكروه. انظر : ابن منظور : اللسان مادة «كاد» ، ابن حجر : فتح الباري ٧ / ٢٣٧.