تتزود شيئا ، تبيت في قرية ، وتقيل في أخرى إلى الشام ، ولم يكن في أرضهم حية ولا عقرب ، ولا ما يؤذي ، فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم (١) ، وقالوا : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا)(٢) ، فأرسل الله عليهم سيل العرم.
والعرم : السيل الشديد الذي لا يطاق ، وقيل : العرم اسم الوادي ، وقيل : اسم المياه (٣). حكاه ابن الجوزي في «الترياق».
وذلك أن الله بعث عليهم جرذا يسمى : الخلد ، والخلد الفأر الأعمى ، فنقب السد من أسفله ، فغرق أرضهم وخربها ، وقيل : أرسل عليهم ماء أحمر (٤) [فخرب السد](٥) ، وتمزق من سلم منهم في البلاد ، وكان السد فرسخا [في فرسخ](٦) بناه لقمان الأكبر العادي للدهر على زعمه ، وكان يجتمع إليه مياه اليمن من مسيرة شهر ، وكانت طريفة بنت ربيعة الكاهنة عند تخريب السد رأت رؤيا ، فأخذت زوجها ثعلبة بن امرؤ القيس بن ثعلبة ، وخرجوا حتى دخلوا العرم لينظروا ما قد حدث ، فإذا بجرذ يحفر في أصله ويقلب بيديه ورجليه الصخرة ما يقلبها خمسون رجلا ، فكتموا أمرهم ورجعوا وقال زوجها لابن أخيه وداعة بن عمرو : إني سأشتمك في المجلس فقم فالطمني ، ففعل ذلك ، فقال عمرو : والله لا أسكن بلدا لطمت فيها (٧) ، فلما أراد الظعن قالت
__________________
(١) انظر : ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ١٤٨.
(٢) سورة سبأ آية (١٩).
(٣) العرم : هو اسم وادي سبأ الذي يقع فيه السد ، كانت تجتمع إليه المياه من مسائل شتى ، فسدوا بين جبلين بالقير ، وجعلوا عليه أبوابا يأخذون منه حسب الطلب. انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ١٤ ، السهيلي : الروض الأنف ١ / ١١٤ ، السمهودي : وفاء الوفا ص ١٦٦.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره ٢٢ / ٨٠ عن وهب ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٦٩١ وعزاه للطبري وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٥) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٧) انظر : ابن النجار : الدرة الثمينة ٢ / ٣٢٦.