والسيد محمود أحمد ، وجميع من ذكروا لا يشبهون هذين في القضاء عفة وأمانة وديانة ، قال هذا وهم بالخروج ، فأمره جلالة الملك بالرجوع فرجع وجلس ، فقال الحاضرون : لقد صدق في قوله ، فسكت جلالة الملك قليلا ثم قال ما رأيكم في أن يكون إبراهيم بري مع هذين الاثنين فيكون قاضيا ولا يمضي في أمر إلّا بمشورة الاثنين فوافق الجميع على رأيه ، ولكن قام رجل من طرف المجلس وقال لا نرضى بإبراهيم بري فالتفت جلالة الملك إلى الجالسين وقال هل فيكم من هو على رأي القائل فقالوا لا فقال له جلالة الملك : كنت منفردا في رأيك ورأى الجماعة خير من رأي الفرد.
وبالنظر لأن محمود أحمد هو رئيس كتاب المحكمة الشرعية فقد رؤي من المصلحة بقاؤه في وظيفته وأن يظل الشيخ إبراهيم بري والشيخ محمد بن علي التركي هما القاضيين ، فانتهى المجلس على هذا ، ولكن محمد بن علي التركي لم يكن حاضرا في المجلس فقيل لجلالة الملك : ربما أن محمد بن علي التركي لا يرغب وظيفة القضاء فقال : نحن نخيره على القبول وبعد يوم أو يومين استدعى جلالة الملك الشيخ ومجلسه حافل بالعلماء والأعيان فأقبل على الشيخ يخبره بما تم عليه الرأي في أمره وأنه قرر أن يكون قاضيا في المدينة مع إبراهيم بري وأنه لا مناص من قبول هذه الوظيفة ، وبعد أن تم جلالة الملك مقاله استأذن الشيخ منه بالكلام فقال : إنني لا أجد من حقي ، إلّا السمع والطاعة لك والدعاء لك ، ولكن أؤكد لك أنني لا أصلح لهذه الوظيفة وليس لي قدرة عليها وعندي أدلة واضحة على هذا إذا شئت سردتها لك ، فأجابه جلالة الملك : على المرء أن يسعى جهده في عمله ولا