إليه بقرابة أو نسب مشى بهم إلى حيث النيران تطلق.
فلم يقترب من المحمل إلّا وقد أناخ عليه من كل جمع من الإخوان ركب يسألونه أمره ، وأخبروه أن قتلاهم يضرجون بدمائهم ، وكان جلالته ، إذ ذاك في أشد درجات التأثر. فالتفت إلى الإخوان وقال : أذكركم الله وهذا الموقف أذكركم دينكم حميتكم الإسلامية وشيمتكم العربية ، إن حجاج بيت الله ضيوفنا وهم في وجوهنا فلا تمد إليهم يد بأذى إنني سأقف أمام ركب هذا المحمل [واعلموا أنه لا تمد إليه يد بسوء وفي هذا العنق دم يجري] سمع الإخوان هذا الكلام وكانت النار تكاد تخرج من أنوفهم وكان ذلك النداء بردا وسلاما ، وحملوا سيوفهم وكرّوا على المجتمعين حول المحمل يردونه بسيوفهم ، وأخذت الجموع ترجع ولقد كان في جملة أولئك القادة الذين ذهبوا لرد القوى المجتمعة حشر بن مقعد بن حميد من مشائخ غطغط ، لم يكن بعد أن سمع الإخوان كلام إمامهم ونداءه غير دقائق معدودات حتى رجع كل منهم إلى مكانه وقد وتر منهم من وتر وقتل من قتل ولم يصب أحد من جند المحمل غير رجل أصيب بحجر في أنفه ورجل أصابته رصاصة طائشة في يده ، وقد بلغ عدد الذين قتلوا من أهل نجد خمسة وعشرين وقتل من الإبل أربعون بعيرا وبعد أن سكنت الفتنة سار المحمل تحف به قوة الحرس حتى وصل عرفات بسلام. ثم عاد من عرفات إلى منى ومنها إلى مكة المكرمة بكل سكون وهدوء ، ولو لا طول الأناة وموقف جلالة الملك الذي لا يقفه إلّا الأبطال من الرجال لكان للحادث وجه غير وجهه الحاضر ، ولكن الحمد لله الذي أنهى هذه الفتنة عند هذا الحد بعد أن كادت تلتهم الناس ظلما وعدوانا.