في قبو لا منفذ منه ولا نور ولا فراش ، ووجدوا فيه من الضيق ، وضنك العيش ما لا مزيد عليه. ولما سمع أحمد زكي باشا باعتقال الشيخ محمد نصيف ، كتب إلى الأمير عبد الله ـ أمير شرق الأردن ـ هذه البرقية : صاحب السمو الأمير عبد الله : أرجو أن يتجلى حكم الرسول ، ويتجدد عفو المأمون بشخصكم المحبوب ، فتتوسطون لصديقي الوحيد السيد محمد حسين نصيف. فقد ساءني جدا ما بلغني اليوم بنفيه من جدة «للعقبة» ، مع تضييق الخناقة عليه ، والإساءة إليه من واليها. وآمالي عظيمة فيمن هو أعظم فيها ، وهو سيدي الأمير ، بقبول شفاعتي وتنازله ـ بالتوسل بوالد الجميع ـ لإرساله بمصر بمنزلي ، وأنا أتعهّد بامتناعه مطلقا عما لا يرضيكم. وأنتم تعرفون صدق إخلاصي لسموّكم ولبيتكم الكريم.
أحمد زكي باشا
فلما وصل التلغراف لسمو الأمير ، أبرق للأستاذ الباشا ما يلي : عطوفة أحمد زكي باشا مصر : سأرفع ملتمسكم لمحل اللزوم ، وأوصل غيرتكم في العقبة ، كما وجهتمونا ، لحبكم الملتمس الذي هو خير ونعمة.
عبد الله
وبعد أيام قلائل أطلق الشيخ محمد نصيف ورفقائه ، وتوجهوا من العقبة إلى جدة ، فوصلوا جدة يوم الأربعاء ٨ رمضان سنة ١٣٤٣ ه. ولما واجه الشيخ محمد نصيف الملك عليا ، قال له : قد ثبت إنك بريء ، وإن سفرك كتب عليك. ثم تمثل بقول الشاعر :
مشيناها خطا كتبت علينا |
|
ومن كتبت عليه خطا مشاها |