وقد كانت تشكلت هيئة من خيرة الأهالي بجدة بقصد البحث والتنفيذ عن منابع المياه التي تكون بقرب جدة ، رفعا للضرورة الشديدة المستمرة بها ، من جراء فقدان الماء الصالح للشرب ، وكانت هذه الهيئة تبذل كل جهودها في تشكيل شركة وطنية يناط بها جلب ما يظهر من الماء الصالح للشرب إلى جدة ، وإنها استحضرت مهندسا لهذه الغاية.
ولمّا وصل سمع الأمير الكريم وهو بجدة خبر هذه الهيئة سر كثيرا بها وبأعمالها المهمة الوطنية ، وفي الوقت ذاته تبرع بالقسط الذي يخص دولته من رسم التخريجية ، وهو غرشان ، بأمل التسهيل لهذه الهيئة والوصول إلى الغرض المطلوب بما أمكن من السرعة ، ومجموع ما يتحصل من هذا المقدار في السنة يبلغ حوالي ٣٥٠٠ أو ٣٠٠٠ من الجنيهات ، فتبرع أميرنا الجليل بمثل هذا المبلغ المهم لمثل هذه الغاية الشريفة هو من الأريحيات العربية العالية التي تعهدها الأمة ويعهدها تاريخها في بيت النبوة الكريم.
ولمّا بلغت الأخبار إلى مكة المكرمة أن تشريف الأمير سيكون يوم الأحد ، قصد جهة جرول دولة الياور الشاهاني الهمام والي الحجاز المشير كاظم باشا ، ومعه عموم الموظفين : ملكيين وعسكريين ، والأهالي من علماء ، وصلحاء ، وأئمة ، وخطباء ، وأشراف ، وسادات ، وأهل مكة من صغير وكبير ورفيع ووضيع ، ويتبع الجميع ألوف من الحجاج.
وجرت مراسم الاستقبال في الصواوين الخصوصية التي أقيمت بهذه الحجة لتلك الغاية ، وقد ملأ الأمين أسعد الله قلوب تلك الألوف الحاشدة نورا وسرورا ، بما أبدى لهم من جميل التعطف والتلطف ، ثم ركب دولته