ثم بعد ما أقام الشريف حسين بجدة ستة أيام أعلن الحسين قبل سفره من جدة أنه لم يستنجد بالإنكليز ، ولم يطلب مساعدتهم في القتال الدائر بينه وبين ابن سعود ، وقال : إن كل ما في الأمر هو أنه كلف وكيله في لندن أن يلفت نظر ولاة الأمور البريطانية إلى أعمال ابن سعود ، ليقابلوها بما كانوا يقترحونه عليه من عدم إزعاجه أو مبادئته بالعدوان. كذا في الثورة العربية ، ثم توجه إلى العقبة على يخته الرقمتين ، ومكث هناك إلى ٢٨ مارس سنة ١٩٢٥.
وفي التاريخ المذكور جاءه الأوامر من الحكومة البريطانية على مغادرة العقبة ، فرفض التسليم أولا ، وأصر على مقامه هناك ، ثم شددوا عليه ، فطلب من الحكومة أن يسمح له بالإقامة في حيفا أو يافا ، فجاء الجواب بالرفض ، وأمرته الحكومة بالسفر إلى قبرص ، فطلب أن يسمح له بركوب باخرته الرقمتين ، فقيل له : إنه لا بد له من ركوب البارجة (دلهي) ، التي خصصت لركوبه.
ولمّا نزل جلالته إلى البارجة استقبل استقبالا رسميا حافلا ، وأنزل وحاشيته في جناح خاص أفرد لهم ، وكان برفقته في هذه الرحلة الملكة حرمه ، والأميرات كريماته ، واللواء جميل باشا ياور الملك علي ، وسكرتيره الخاص ، وطاهيه الخاص ، وخدمه وحاشيته ، ومؤذن يؤذن على ظهر البارجة بالأوقات الخمسة كل يوم ، ثم تقام الصلاة جماعة.
ولمّا وصلت البارجة دلهي إلى السويس صعد إليها بعض العرب المقيمين فيها.
ولمّا دخلوا على الملك للسلام عليه اغرورقت بالدموع عيون