عموم الناس أجمعين ، وفيها حرمه الأمين وقبلة المسلمين والمشاعر العظام ، وقد حدث بينكم وبين الشريف الحسين من النفور والمنازعات ما هو معلوم بأسباب عائدة لشخص الشريف الحسين ، وليس للأمة والبلاد أدنى دخل في الأمر ، لأن السلطة المطلقة كانت في يده ، ولا يعمل إلّا بما يريده ، بل قد احتكر الكلام على لسان أهلها بما لا يريدونه ، ونسب لهم ما لا يوافقون عليه ، وأوجد العداء بينهم وبين الأمة المجاورة لهم من سكان نجد ، وخلافها بلا سبب مع اتحادهم في الدين والمذهب ، حتى أدى ذلك إلى سفك الدماء البريئة.
فلما بلغ السيل الذي هب الشعب الحجازي المجتمع في جدة من أهلها وأهل مكة والطائف والأشراف والعربان والأعيان ، بالتنازل عن مكة ، لما ظهر من امتناعه عن تلافي هذا القتال بالطرق السلمية ، وبايعوا ابنه سمو الأمير علي ملكا على الحجاز فقط ، بشرط أن ينزل على رأي الأمة الإسلامية.
فبلسان هذه الأمة وباسم الإسلام الذي قمتم لنصرته وأوقفتم حياتكم لرفعة شأنه وعلو مكانته ، نخاطبكم ونرغب من شهامتكم العربية بإيقاف الجيوش عند آخر نقطة وصلت إليها ، والموافقة على إرسال المندوبين من طرفنا للمفاوضة معكم ، فيما يجب عمله نحو هذه البلاد المقدسة ، لحفظ الأرواح والأموال وتأمين البلاد التي قال فيها سبحانه وتعالى : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَ) [القصص : ٥٧] وقال فيها صلىاللهعليهوسلم : «إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر يسفك بها دماء أو يعضد بها شجرة». إلى آخر الحديث. أو كما قال.