والمطالعة بنفسه ، ولقد آتاه الله من قوتي الحافظة والذاكرة ما ساعده على النبوغ في فنه الذي لم نر له ندا فيه بين الذين عرفنا من الرواة والحفاظ ، إذ يقال عنه : إنه إذا رغب في حفظ قطعة منظومة ومنثورة عمد إلى كتابتها على القرطاس ، فتنطبع في ذهنه ، بمجرد كتابتها مرة واحدة وكان يحفظ القرآن الكريم وبعض كتب الحديث ، لا سيما مسند الإمام أحمد بالرواية ، ويقال عنه ، إن يحفظ من كتب الأدب «أدب الكاتب» جزء «والأمالي» ثلاثة أجزاء ، ويحفظ قسما كبيرا من «الأغاني» وهو واحد وعشرين جزءا ، «والبيان والتبيين» ثلاثة أجزاء ، «وروضة المحبين» جزء ، «والآداب الشرعية» ثلاثة أجزاء ، ودواوين شعرية مختلفة كثيرة.
وهنالك كتب أخرى دينية تاريخية وأدبية يروي الشيء الكثير منها ، وكان رحمهالله قد حج في موسم السنة الماضية وغادر مكة بصحبة الملك عبد العزيز وسافر ، إلى الحوطة حيث وافاه أجله تغمده الله برحمته وعوض نجدا عنه خيرا ، وأظهر فيها من يحيي آثار السلف الصالح باستظهار أخبارهم ونشر
أخلاقهم العالية ، فقد فقدت نجد بفقده نابغة من نوابغ أبنائها الذي يضنّ الزمان بمثلهم.
الوفد الثالث إلى صنعاء
وفي شهر ربيع الأول من هذه السنة سافر وفد رئيسه خالد أبو الوليد القرقني إلى صنعاء لمفاوضة إمام اليمن بشأن الحدود ، ولعقد معاهدة بين الحكومتين ، وبينما الوفد في طريقه إلى صنعاء احتلت جنود الإمام اليمن نجران السعودية ، وفتكوا بأهلها فتكا ذريعا ، ولما وصل الوفد صنعاء حجز على حريته نحو أربعين يوما ، ولم يتقدم أحد لمفاوضته ، وبعد مراجعات