وقعة المطر
ثم رحل ونزل طرف الوادي من الشمال ، فلما كان النصف من جمادى الثاني ، خرج إليه أهل عنيزة وصادموه واقتتلوا قتالا شديدا تأخر فيه جند محمد الفيصل ، ووصل أهل عنيزة إلى المخيم ، فبينما القتال دائر إذ هطلت الأمطار ، فبطل سلاح أهل عنيزة ؛ لأن سلاحهم الفتيل ، فكرّ عليهم جند محمد الفيصل بالسلاح الأبيض الذي كان أهل عنيزة خالين منه يومئذ ، فانهزم أهل عنيزة ، وقتل منهم قتلى كثير ، وفي ذلك يقول شاعر هل عنيزة من قصيدة حربية :
يوم الجدا قومك عديناك الخيام |
|
رب العرش مدّك من سماه |
يقول ما معناه : لما كان الأمر بيننا وبين جندك عديناك ـ أي أبعدناك عن المخيم ـ لكن رب العرش أمدك بالمطر الذي أبطل مفعول البندقية.
وبعد هذه الوقعة لم يخرج أهل عنيزة إلى القتال ، بل اكتفوا بالدفاع من وراء الأسوار ، ذلك لأن الإمدادات تواصلت من الحسا ومن جبل شمر فما دونهما ، عبد الله الفيصل بنفسه ، فاستداروا على البلاد وأخذوا يهاجمونها ، ولكن أهل البلاد دافعوهم عنها دفاع الأبطال ولم يدركوا منها أية نتيجة ، ذلك بأن الله حبا عنيزة بميزة لم يشاركها فيها بلد من البلاد الأخرى وذلك أن نخيلها ومزارعها داخل السور مما يكفي حاجة أهلها مدة الحرب مهما طالت ، وذلك ما ساعدها على تحمّل الحصار مدة سنة ونصف دون أن تتأثر ، فلما طال الحصار ولم تفدهم المدافع التي جلبوها شيئا أمر عبد الله الفيصل تلك الجنود بقطع نخيل الوادي الذي يبعد عن عنيزة نحو ساعة لعلها تؤثر في أهل البلاد ، فقطعوا الشيء الكثير منها فلم يبال أهل البلاد بذلك ، فرجعوا إلى الحصار ، وأخذت المناوشات مجراها