والمطلع على هذا الخبر في تاريخ ابن بشر لا يعرف المصلحة بين استنجاد الدريبي رئيس بريدة ، وبين غارة سعود على عنيزة ، وهذا ما دعانا إلى شرح بعض الحوادث التي لم يستمر فيها ابن بشر. وقبل أن نفيض بالشرح نذكر حالة أمراء بريدة وعلاقاتهم مع بعضهم البعض.
إمارة بريدة وأمراؤها
تقدم الكلام في أن الذي أسس بريدة : راشد الدريبي ، وأورثها ذريته ، وقد انقسمت ذريته إلى قسمين : أحدهما بقي على اسم الدريبي ، ومنهم راشد ؛ والثاني يعرفون بآل ابن عليان ، وهما حمولة واحدة أخذا يتنازعان السيادة على البلاد. وكانوا من أشد البيوت وأفتكها وأقطعها للرحم ، فما زال بعضهم يفتك ببعض ، وقد تقدم طرف من أخبارهم ، ففي الزمن الذي نتكلم عنه كان الأمير في بريدة راشد الدريبي ، وقد تغلب على أبناء عمه آل عليان وأجلاهم عن البلاد فنزلوا عنيزة لروابط كانت بينهم وبين أهلها ، وقد سبق أن ساعدوهم على عدوهم ، فلما لجأوا إلى عنيزة خشي راشد الدريبي أن يمدوهم ، فاستجار بالإمام عبد العزيز ، ولم يكن لابن سعود قبل ذلك نفوذ في القصيم ، فأرسل الإمام عبد العزيز ابنه سعود في قوة صغيرة لم يلبث أهل عنيزة أن صدوها.
ولما كانت سنة ١١٨٤ ه : خرج آل ابن عليان وأتباعهم من عنيزة ورئيسهم عبد الله بن حسن آل ابن عليان وسطوا في بريدة واستولوا عليها ، وأخرجوا راشد الدريبي منها فقصد ابن عريعر في الأحسا ، والتجأ ابن عليان إلى الإمام عبد العزيز ، فعطف عليهم وأيّدهم في مركزهم دون أن يمدهم ، وكان عريعر يدعي الولاية على القصيم.